غادرت إلى دار البقاء بعد صراع طويل مع المرض الفنانة المغربية والوزيرة السابقة ثريا جبران،تاركة ورائها مسارا حافلا بالإنجازات وأعمال خالدة في عقول المغاربة.
السعدية قريطيف أو كما يعرفها الكثير بثريا جبران، من مواليد 1952 بدرب السلطان، استعارت اسم “جبران” من زوج شقيقتها محمد جبران، بعد أن عاشت فترة طويلة تحت رعايته حين توفي والدها.
بدأت ثريا جبران مشوارها الفني في سن مبكر، لا يتعدى عشر سنوات، كانت طفلة صغيرة تعتلي خشبة المسرح البلدي وسط تصفيقات الجمهور،لتلتحق في أواخر الستينيات من القرن الماضي،بمعهد المسرح الوطني بالرباط، وتختار أدوار المهمشين لتعبر عن حياتهم على ركح المسرح، مما جعلها تحت أعين المراقبين والسلطات.
يختلط ما هو سياسي وماهو فني في سيرة الراحلة ثريا جبران، ففي سنة 1998، احتفت بوصول حكومة الراحل عبد الرحمان اليوسفي في تجربة التناوب التوافقي، وقدمت مسرحية حافلة بكل الآمال الممكنة التي يعلقها المغاربة على هذه الحكومة، وكان عنوان المسرحية “العيطة عليك أعبد الرحمان”.
وواصلت تجربتها المسرحية بعمل آخر يدين الطبقة المخملية في البلاد، بعنوان “امرأة غاضبة”، وتلتها مسرحية أخرى عن جيوب مقاومة التغيير، بعنوان “الجنرال”.
سنة 2007 تقلدت منصب وزيرة للثقافة في حكومة عباس الفاسي،لتصبح أول فنانة وزيرة في تاريخ المغرب السياسي.
الهاجس الخيري لم يفارق سيدة المسرح المغربي،فأعطت في برامجها الأولوية للجانب الاجتماعي للفنانين، من خلال مجموعة من التدابير كقانون الفنان وبطاقة الفنان والتغطية الصحية للمشتغلين في هذا القطاع.
لم يدم جلوسها على كرسي الوزارة كثيرا، فسرعان ما عجل المرض بتقديمها استقالتها من منصبها، خلال زيارة قام بها المستشار الملكي فؤاد عالي الهمة لها بالمستشفى.
من بين قفشات الراحلة التي مازالت تتردد عنها، أن الملك محمد السادس طلب منها أن تقف بجانبه خلال التقاط مجموعة من الفنانين صورة جماعية معه إثر إهدائهم له لوحة تشكيلية حول مناهضة الإرهاب بعد واقعة الأحداث التي شهدتها الدار البيضاء في 2003، حيث خاطبها الملك مازحا: “دابا ما كاين مخزن”، وهي عبارة وردت في مشهد من مسرحيتها الشهيرة “ياك غير أنا”.
ثريا جبران أجابت الملك حينها: “عنداك يسمعونا ويجيو يشدونا”، الأمر الذي أضحك الملك محمد السادس؛ ما أثار انتباه الحاضرين من الفنانين الذين سألوها عما قالته للملك، فأجابتهم بـ”خبث” فكاهي بأنها طلبت منه “كريمة طيارة”.
ودائما كانت الرعاية الملكية تشمل ثريا جبران في وعكاتها الصحية، و لاسيما في أيام عمرها الأخيرة، حينما دخلت مستشفى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان بمدينة الدارالبيضاء، قبل أن يقول القدر كلمته ويغيبها عن عالمنا.
برحيل إبنة الشعب ثريا جبران يكون المغرب قد فقد رمزا من رموزه الكبار ونجمة بصمت على مسيرة إستثنائية حافلة بالإنجازات والأعمال الخالدة،نجمة ان يكررها الزمن.