الديك الفرنسي يصل لنهائي المونديال على حساب الشياطين الحمر

محمد الشنتوف*

تمكن المنتخب الفرنسي من حجز بطاقة المرور إلى الدور النهائي للمرة الثالثة في تاريخ الديوك، وبعد غياب طويل عن هذا الدور مند نهائي 2006، وبعد غياب طويل عن هزم المنتخب البلجيكي لمدة ناهزت 14 عاما، في مباراة مجنونة بملعب سان بترسبورغ بالديار الروسية بهدف الصخرة الدفاعية صامويل أومتيتي بعد شوط أول بلجيكي بدون جدوى وشوط ثاني تكتيكي لفرنسا مع أفضلية تسجيل هدف العبور إلى بر أمان الأحلام الباريسية، حيث العطر والموسيقى والفرحة العارمة وأشياء أخرى لا وصف لها في عالم الخيال، وفي خيال المحال الفرنسي.

خطورة المنتخب البلجيكي تم التعبير عنها مند بداية الفصل الأول من الحكاية، ولحدود الدقيقة العاشرة لم يتنفس المنتخب الفرنسي دفاعيا ولم يبادر إلى الهجوم، وفي الدقيقة 11 تنفس الصعداء عن طريق مهاجمه الأصغر في المونديال كيليان مبابي بدون خطورة، وتكلف نجم برشلونة أومتيتي ونجم ريال مدريد رافا فاران بالمهمة الدفاعية، لتمكبن منتخبهم من بناء الهجمات المرتدة التي فشلت في نسختها الثانية بعد تمريرة من بوغبا لمبابي في الدقيقة 13، وفي الدقيقة 16 مرر كيفين دي برون كرة ساحرة لإدين هازارد سددها محاذية للقائم الأيسر، و في الدقيقة 21 تصدى لوريس ببراعة لكرة المدافع ألدلفرد.

واستمر المد و الجزر الكروي بين الشياطين و الديوك، وبحلول فجر الدقيقة 27 مرر دي بروين عرضية خطيرة، لكن أومتيتي كان في الزمان والمكان المناسبين، وفي محاولة فرنسية من باب الرد، أرسل جيروا رأسية محادية للقائم الأيسر في الدقيقة 31، و في أول تسديدة للنجم كريزمان أرسل كرة عالية في الدقيقة 32، وفي هجمة عكسية فرنسية خطيرة على اثر ارتباك بلجيكي في وسط الميدان مرر مبابي عرضية ساحرة لجيروا الذي ضيعها برعونة في الدقيقة 33، توركوا يتصدى لكرة بافار في الدقيقة 39 بعد انفراد انتصر فيه الحارس عن لمدافع، وفي الدقيقة 43 سدد كريزمان ضربة خطأ على مشارف المنطقة الخطيرة ارتطمت بالحائط الدفاعي، و لولا سوء تركيز لوكاكوا في آخر الثواني لكان قد سجل هدف التقدم، لينته الشوط الأول بدون أهداف.

في الشوط الثاني وبعد 30 ثانية، هاجمت بلجيكا عن طريق مهاجمها دي بروين، وبدون نقاش رد مبابي في محاولة للاختراق في الدقيقة 46، وبعدها بدقيقة أرسل فيلايني كرة عالية أرسلتها رأسية لوكو إلى المدرجات، وفي الدقيقة 50، لف جيروا بالدفاع أمام كومباني وسدد كرة ذهبت إلى الكنية، ركنية ترجمها أومتيتي المدافع برأسية في شباك بلجيكا.

هدف أشعل النيران في أرض الثلوج، إذ صاح الديك بقوة، و حار الشيطان في الأراضي الروسية، واتفق المنتخبين على أن ضياع أي لحظة من المباراة يعني خسارة كبيرة لكل عاشق للمستديرة، وفي الدقيقة 61 في محاولة لعودة الشيطان أضاع دي بروين كرة أحزنت العشاق، بعد دخول ميتيز أنعش هجوم بلجيكا، وفي الدقيقة 64 أرسل ميرتيز عرضية أرسلها فيلايني برأسية مرت محاذية للقائم الأيمن.

وفي هجمة خاطفة قادها مبابي ببراعة مرورا بجريزمان في تمرير الكرة، وصولا إلى جيروا الذي سددها في الأعالي في الدقيقة 67،و لى حدود الدقيقة 77 استمر الضغط البلجيكي دون خطورة، وفي الدقيقة 80 أنقد لوريس الشباك الفرنسية بعدما تصدى لتسديدة فيتسل القوية، وفي الدقيقة 89 أضاع كريزمان كرة تعميق الجراح أمام تألق الحارس كورتوا، وعلى نهجه ضيع توليسوا بنفس السيناريو، وفي مشهد الختام تأهل الديوك إلى النهائي الثالث في تاريخهم أمام دموع الشياطين الحمر اللذين لم تنفعهم طموحاتهم و ترشيهم للفوز باللقب لهز شباك الجيران.

هكذا انتهى حوار ونقاش وجدال ونزال نصف نهائي "الصداقة المفقودة" على حد تعبير المعلق عصام الشوالي، وجاز لنا أن نقول عن هذا المونديال العجيب، أن من يلعب كرة القدم في جل المباريات يخسر في نهاية المطاف، من المؤسف حقا أن يغادر هذا الجيل البلجيكي الطموح و الرائع، لم يكن فعلا اليوم في يومه، لكنه طيلة المنافسة كان أفضل بكثير من فرنسا.

نجم الريال رافا فاران قاد الديوك إلى النصف، و نجم برشلونة أومتيتي قادهم إلى النهائي، ليست هذه هي النقطة الوحيدة المشتركة، بل كلاهما مدافعين، وفي هذا المونديال كثير من المدافعين حسموا نتائج كثيرة، وبهذا السيناريو يصيح الديك بقوة أمام الشياطين الحمر في مباراة نارية أذابت ثلوج ملعب سان بترسبورغ مجازيا، وألحقت أحلام الباريسيين بعصر الحقيقة الكروية العالمية مجددا، لملاقاة المجد استعادة ذكريات الزمن الجميل، في انتظار التحاق الطرف الأخير من النزال، والذي لا زالت بطاقته تغري عشاق الانجليز وتأسر طموح الكرواتيين.

*صحفي متدرب