واقع النقابات في ظل إضرابات قطاع التعليم

 

تعرف مدن المملكة منذ انطلاقة الموسم الدراسي الحالي غليانا و إضرابات غير مسبوقة في صفوف أسلاك التعليم الإبتدائي والثانوي العمومي مما شكل توقفا شبه تام لمدة تقارب الشهرين، مع تعريض التلاميذ لعطلة إضطرارية مجهولة العواقب.

لعلنا نتفق جميعا على أحقية ومشروعية مطالب الجسم التعليمي بالمغرب في ظل ازمة الغلاء التي تسود البلاد والتي طالت مختلف السلع والبضائع انطلاقا من المواد العذائية وتوابعها وانتهاءا بمواد البناء وغيرها من السلع والمنتجات.

اظن أن الشق للمادي ليس إلا الجزء اليسير من حزمة المطالب التي يجب تأخدها لحكومة على محمل الجد في ظل تواضع بل تراجع المستوى التعليمي بصفة عامة.
الشق المالي هو إشكال تعانيه العديد من القطاعات بسبب وضغية الغلاء المتفاقمة والتي كرستها ظروف معقدة داخلية وأخرى خارجية ، كورونا، زلزال الحوز، الجفاف وغيرها من العوامل ذات التاثير المباشر على اقتصاد البلاد.
ومما زاد في تعميق الأزمة السنوات العجاف المستمرة في ظل تساقطات مطرية ضعيفة اثرت بشكل سيء على الوضعية الإقتصادية للبلاد وعلى للمعيش اليومي للمواطن ، الذي يتجلى في الغلاء المطرد الذي تعيشه الاسواق المغربية كافة.
فإذا كان الجسم التعليمي يصدح بمطالبه المشروعة والتي عبر عنها بطرق حضارية من خلال المسيرات والوقفات فإن أكبر خاسر خلال هذه المحطة النضالية هم التلاميذ الذين لازالوا لم يلتحقوا بحجراتهم التعليمية إلا لماما مما ينذر بسنة بيضاء أصبحت معالمعا تتجلى شيئا فشيئا، مع تشبث كل طرف بمواقفه سواء التنسيقيات أو الحكومة.
هو نداء موجه لكل الأطراف لتغليب المصلحة الفضلى للوطن وإبداء نوع من المرونة والليونة لتجاوز الأزمة حادة المعالم.
تبقى اهم الخلاصات التي أفرزتها موجة الإضرابات هي فقدان النقابات لمصداقيتها إن لم نقل شرعيتها ودورها التاريخي في ظل بروز الدور الفعال و المتصاعد للتنسيقيات المؤطرة للإحتجاجات التعليمية.
يجب الوقوف مليا عند هذه الحالة ودراسة أبعادها وتجلياتها ورمزيتها.
هل هي بداية النهاية لدور النقابات في الحياة العامة؟
هل يمكن اعتبار التنسيقيات بديلا وواقعا جديدا يجب الأخد بجديته؟
كلها تساؤلات مطروحة أمام محللي ومنظري الشأن العام للإجابة عنها وتحليلها بكل تجرد وحيادية.
الإتفافات المبرمة بين الحكومة والمركزيات انقابية الأكثر تمثيلية هي في نظر التنسيقيات حبر على ورق ما دامت لم تشرك في أي جولة من جولات الحوار.
الأيام القليلة المقبلة كفيلة بالإجابة عن واقع الحال، أهو استمرار للتصعيد؟ أم إنفراجة تعيد التلاميذ وأساتذتهم لحجرات الدرس؟
أظن أن تغليب المصلحة الفضلى للوطن هي في مصلحة الجميع . فالعودة للأقسام رغم الإشكالات المحيطة بتعويض الوقت الضائع وتراكم الدروس او مسألة الإقتطاعات من الأجور التي تعتبرها الفعاليات المضربة هي إجحافا في حقها ،كل ذلك فالعودة للأقسام هي بمثابة تأجيل لا غير لإشكالية التعليم العمومي ومحاولات لفك شيفرات الإصلاح الحقيقي والمستدام لهذا القطاع الحيوي والممتنع.
فالخلاصة أن هذه الإضرابات سحبت الثقة من المركزيات النقابية وفرضت واقعا جديدا مفاده أن الكلمة مستقبلا هي للتنسيقيات التي تتشبث بموقفها وأحقيتها بالتفاوض من أجل قطاع هي إحد ركائزه القوية، ولربما إعلان عن ميلاد هيأة نقابية جديدة تضطلع بمسؤلية الترافع عن أحد أهم القطاعات في المغرب وإعلان الموت السريري للنقابات ( العتيدة)...

الياجيزي توفيف