بعد فضيحة بيع شهادات جامعية..بورقية تدعو إلى إصلاح استراتيجي شامل لقانون التعليم العالي

في سياق متصل بالجدل الدائر حول قطاع التعليم العالي، بعد تفجر فضيحة بيع الشواهد الجامعية بابن زهر ، دعت رحمة بورقية، رئيسة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، إلى ضرورة إصلاح شامل وعميق لقانون التعليم العالي، معتبرة أن القانون الحالي الذي مر على سريانه قرابة ربع قرن لم يعد يستجيب للتحديات المعاصرة التي تواجه المنظومة الجامعية.

وشددت بورقية خلال كلمة في  افتتاح الدورة الثامنة للجمعية العامة للمجلس اليوم الثلاثاء  على أهمية تجديد الإطار التشريعي لمنظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، لمواكبة المستجدات والتطورات التي تعرفها الجامعات ونظم التعليم العالي عالميًا، وكذلك تلبية متطلبات التنمية البشرية للمجتمع المغربي في مجال تكوين الكفاءات وتأهيل الشباب.

وأكدت رئيسة المجلس أن "المقصد الأساس لتجديد الإطار التشريعي للتعليم العالي والبحث العلمي، هو تحقيق التكييف المطلوب لهذه المنظومة مع التحولات التي تشهدها بلادنا، وتلك التي تعرفها نظم التعليم العالي قصد إرساء وتوطيد المعالم الجديدة لهذه المنظومة."

وأوضحت بورقية أن التعليم العالي يعرف تحديات جلية، وخصوصا الجامعات العمومية التي تعتمد على تمويل الدولة، وهو تمويل غالبا ما لا يوازي الحاجيات المتزايدة نتيجة النمو الديمغرافي للطلبة وتزايد أعداد الوافدين على مؤسسات التعليم العالي.

ودعت رئيسة المجلس إلى ضرورة إحاطة مؤسسات التعليم العالي بالحصانة القيمية، وأن يتم العمل داخلها وفق منظومة أخلاقية يساهم في بلورتها وإرسائها الجميع، ويعمل كل من موقعه على تكريسها في السلوك وفي الممارسات التعليمية والعلمية، من أجل تحصين الجامعات من المنزلقات الأخلاقية.

وأبرزت بورقية أن التحولات المتواترة والسريعة التي يشهدها العالم تنطوي على تأثير جلي على مؤسسات التعليم العالي، مما يفرض على نموذجها البيداغوجي الاستيعاب الفعلي والأمثل لهذه التحولات.

ودعت إلى ضرورة إدخال تغييرات عميقة على القانون المنظم للتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، من حيث حكامته ونموذجه البيداغوجي ومناهج التدريس والتكوين وطريقة إشراك الطلبة وغيرها من المداخل الكفيلة بالارتقاء بهذه المنظومة.

وفي سياق العدالة المجالية، أكدت بورقية على ضرورة توسيع التعليم الرقمي عن بعد، لكي تتمكن شريحة من الطلاب في المناطق النائية من متابعة الدروس عن بعد، وذلك إعمالا لمبدأ الإنصاف وتكافؤ الفرص، واعتبارا للدور التنموي للجامعة في الحد من الفوارق المجالية والاجتماعية.

كما تطرقت إلى تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي على التعليم العالي، مشيرة إلى أنه سيغير لا محالة مفهوم التدريس وهندسة المضامين ونظم الامتحانات، مما يفرض على جميع الفاعلين التكيف مع هذا الواقع الجديد وإعادة النظر في طريقة تحضير المحاضرات والتكوينات.

وختمت بورقية بالتأكيد على أن الحكامة الفعالة هي الآلية الأساسية لتطوير التعليم العالي وتحقيق النقلة النوعية المنشودة، فهي صلة الوصل بين الرؤية التي نرسمها في بنود القانون وبين تفعيلها على أرض الواقع. وأن القانون ونجاعة تفعيله يشكلان المدخل الضروري للنقلة النوعية للتعليم العالي في بلد طموح، وداخل عالم يخترقه الصراع والتنافس الشرس على المستوى الاقتصادي والمعرفي والتكنولوجي.