إطلاق برنامج “إعادة التوجيه” لتأهيل العائدين من بؤر التوتر ومناطق النزاع

بمبادرة من مركز “النورديك” لتحويل النزاعات (NCCT)، تم إطلاق برنامج “إعادة التوجيه” لتقوية قدرات المؤسسات الوطنية في مجال المتابعة القضائية وإعادة التأهيل والإدماج بالمغرب، ويستهدف العائدين من مناطق النزاع.

ويهدف البرنامج، الذي أُطلق اليوم الأربعاء بالمعهد العالي للقضاء في الرباط، إلى تعزيز التنفيذ الفعّال لإستراتيجيات المتابعة القضائية وإعادة التأهيل والإدماج للعائدين من بؤر التوتر.

وقد أُطلقت فعاليات برنامج “إعادة التوجيه” بحضور ممثلين عن شركاء المشروع الدوليين والوطنيين، ووزارة العدل، ومؤسسة الوسيط، والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، بالإضافة إلى سفارة مملكة هولندا بالرباط بصفتها مانحة.

وفي هذا الإطار، أكد وسيط المملكة محمد بنعليلو أن مشروع “إعادة التوجيه” يُعد تمرينًا عمليًا لتدبير الاختصاصات والتقاطعات التي يفرضها العمل المؤسساتي المشترك.

وأضاف بنعليلو أن هذا المشروع يجمع مختلف المتدخلين لتحقيق أهداف متكاملة تصب في خدمة الإنسان، مشددًا على أن مشاركة مؤسسة وسيط المملكة تُبرز جوانب أخرى من مجالات تدخلاتها المتعددة.

وتأتي هذه المبادرة في إطار المهام التي تضطلع بها المؤسسة لفائدة مرتفقي العدالة، مؤكدًا أن المشاركة تعكس التزام المؤسسة بالمساهمة مع مختلف الأطراف المعنية لتحقيق أهداف مشتركة.

ويتمثل الهدف الأساسي في “إعادة إدماج وتأهيل النساء والأطفال العائدين من مناطق النزاع”، بما يتوافق مع سيادة القانون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

كما تتماشى المبادرة مع قواعد العدل والإنصاف، التي يُفترض أن تستند إليها السياسات العمومية الجيدة، وتنسجم مع رؤية المؤسسة في تعزيز ثقافة اللجوء إلى الوسائل البديلة لحل النزاعات والعمل التشاركي.

واعتبر بنعليلو أن العمل عبر بوابة السياسات العمومية يمثل مدخلًا مهمًا لتجاوز الصعوبات الناتجة عن التعقيدات القانونية وخصوصية الإجراءات التي يواجهها العائدون من مناطق النزاع.

وأكد وسيط المملكة أن هذه المشاركة “الوظيفية” تعكس التزامًا قويًا بتكثيف الجهود لدفع الإدارة نحو الوفاء بفعالية بالانتظارات الحقوقية الحالية، بالإضافة إلى التحديات المستقبلية المرتبطة بهذه الفئة الهشة من المواطنين والمواطنات، لإيجاد حلول للتحديات الحقوقية التي تواجههم.

من جانبه، أبرز منسق مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، عبد الواحد الجمالي الإدريسي، أهمية الاهتمام بمرتكب الجريمة وإعادة دمجه في المجتمع بأمان وسلام.

وأشار إلى أن عملية إعادة الإدماج تمثل مقاربة “ناعمة” تكمل المقاربة الصلبة التي لا يمكن الاستغناء عنها في التعامل مع الأشخاص المعتادين على ارتكاب الجرائم.

وأضاف الجمالي أن هذه المقاربة “الناعمة” لا يمكن تنفيذها بمعزل عن باقي المؤسسات، بل تتحول فيها المؤسسة المستفيدة إلى نقطة محورية تتلاقح فيها الخدمات والتدخلات والقطاعات المختلفة، بهدف إعادة انخراط المستفيد ودمجه في النسيج الاجتماعي والاقتصادي.

من جهته، شدد مدير الشؤون الجنائية والعفو ورصد الجريمة بوزارة العدل، هشام ملاطي، على ضرورة تحقيق التوازن بين مكافحة الجريمة وإعادة التأهيل والإدماج، مؤكدًا أهمية استحضار المجالات التشريعية والتنظيمية عند معالجة هذه الإشكالية.

وأشار ملاطي إلى ضرورة اعتماد إستراتيجيات عملية تساعد في التعامل مع القضايا المرتبطة بمحاربة الجريمة وتأهيل وإعادة إدماج العائدين من بؤر التوتر، مثمنًا في هذا السياق برنامج “مصالحة” المنفذ تحت إشراف المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، والذي تم تنفيذه بشراكة مع مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، والرابطة المحمدية للعلماء، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان.

بدوره، شدد المدير التنفيذي لمركز “النورديك” لتحويل النزاعات، نوفل عبود، على أهمية البرنامج، مشيرًا إلى أنه يأتي في سياق دولي يشهد العديد من النزاعات المسلحة في مناطق متعددة.

وأوضح عبود أهمية اتخاذ خطوات استباقية والاستفادة من التجارب الدولية في هذا المجال، مؤكدًا أن المغرب حقق تقدمًا ملحوظًا في إعادة إدماج وتأهيل السجناء.

أما سفير مملكة الأراضي المنخفضة بالمغرب، جيرون رودنبورغ، فقد وصف المشروع بأنه “يمثل فصلًا جديدًا من التعاون الدولي والثنائي طويل الأمد بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب، والوقاية من التطرف العنيف ومكافحته”.

وأضاف السفير أن المغرب وهولندا يتقاسمان الرغبة نفسها في مواصلة التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف، من خلال تبادل التجارب والخبرات.

جدير بالذكر أن مركز “النورديك” لتحويل النزاعات هو منظمة مستقلة تأسست سنة 2018 في ستوكهولم، بهدف المساهمة في ترسيخ السلام، من خلال توثيق وتخفيف حدة النزاعات والفقر والهجرة الناتجة عن التغيرات المناخية، وتعزيز الدور الفعال للمرأة في حل النزاعات والوقاية منها.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *