دخلت جبهة البوليساريو في حالة استنفار مباشرة بعد زيارة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دي ميستورا، يوم 21 شتنبر الجاري، حيث عقدت أمانتها العامة اجتماعا طارئا انتهى بإعلان تأجيل مؤتمرها السابع عشر إلى أجل غير محدّد، رغم أن قانونها الأساسي يفرض انعقاده ضمن آجال مضبوطة.
وربطت قيادة الجبهة قرار التأجيل بما وصفته بـ”هواجس” مرتبطة بمحاولات المغرب “فرض الأمر الواقع” و”تغيير الطبيعة القانونية” للنزاع، في سياق ما تعتبره تطورات “خطيرة” على المستويات الأممية والجهوية، وهي المبررات التي جاءت أياما قليلة قبل موعد مناقشة مجلس الأمن الدولي لملف الصحراء في أكتوبر المقبل وإصدار قرار جديد بشأنه.
وفي هذا السياق، اعتبر محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، في تصريح خص به “بلبريس”، أن تأجيل مؤتمر البوليساريو يعكس بالأساس عجزها عن مواكبة التحولات التي يشهدها الملف داخل أروقة الأمم المتحدة، موضحا أن المقاربة الأممية تتجه أكثر نحو تكريس الواقعية والبراغماتية، بما يتماشى مع مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، مقابل تجاوز الطروحات الانفصالية.
وأضاف عبد الفتاح أن القرار لا يمكن فصله عن السياق الدولي الراهن، حيث تتعزز المواقف الداعمة للمغرب من قِبل قوى مؤثرة كالمملكة المتحدة والبرتغال والباراغواي، في وقت تعيش فيه الجبهة حالة عزلة متزايدة بعد أن سحبت عدة دول اعترافاتها السابقة بها.
أما داخليا، فأكد الخبير أن الخطوة تكشف أيضا عن تصاعد الخلافات داخل صفوف القيادة الانفصالية، واحتقان الوضع في مخيمات تندوف، حيث تورطت أسماء نافذة في أنشطة مرتبطة بالتهريب والجريمة المنظمة، من قبيل الاتجار بالبشر والسلاح والمخدرات.
ويرى مراقبون أن تأجيل المؤتمر في هذا التوقيت يسلط الضوء على مأزق مزدوج تعيشه البوليساريو: ضغوط خارجية بفعل التحولات في الموقف الدولي، وأزمات داخلية مرتبطة بالشرعية والقيادة، ما يجعلها غير قادرة على مواجهة استحقاق تنظيمي بحجم مؤتمرها العام في ظل هذه المعطيات.