تسريح موظفي الأمم المتحدة بالصحراء المغربية.. هل يؤشر لتحول استراتيجي جذري؟

في تطور لافت يطرح تساؤلات كبرى حول مستقبل بعثة “المينورسو” ودور الأمم المتحدة في ملف الصحراء، شرعت المنظمة الأممية في إنهاء عقود عمل عدد من موظفيها المكلفين بالملف، في خطوة تؤشر – وفق متابعين – إلى تقليص تدريجي لوجودها الميداني في المنطقة، بعد خمسة عقود من الجمود.

وأكدت مصادر مطلعة لجريدة “بلبريس”، أن مفوضية اللاجئين أنهت مهام موظفيها العاملين في مخيمات تندوف، إلى جانب موظفين أمميين بمدينة العيون، و14 موظفًا في مكتب المنظمة الأممية بالعاصمة الرباط، سيغادرون مناصبهم قبل نهاية شتنبر المقبل، مبررة هذه الخطوة بـ”الإكراهات المالية” التي تواجهها الأمم المتحدة.

ويأتي هذا التقليص ضمن إرهاصات إبعاد تدريجي للأمم المتحدة عن دائرة التأثير في هذا الملف، حيث بدأت الديبلوماسية المغربية في أبريل الماضي، بتنسيق مع الولايات المتحدة وفرنسا، في إبعاد ملف الصحراء عن اللجنة الرابعة للأمم المتحدة المعنية بتصفية الاستعمار، معتبرة أن المنظمة الأممية لم تُحرز أي تقدم يذكر منذ خمسة عقود من الإشراف على النزاع.

ووفق ذات المصادر، فإن واشنطن أبلغت المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا صراحة بأنها تعتزم تقليص تمويلها السنوي لبعثة “المينورسو”، في حال لم تُفضِ جهود التسوية إلى نتائج ملموسة.

وتعتبر الإدارة الأمريكية أن الاستفتاء أو خيار الانفصال “لم يعودا مطروحين”، وأن الحل الواقعي الوحيد يتمثل في مقترح “الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية”.

وقد عزز هذا التوجه ما كشفته صحيفة “واشنطن بوست”، في مذكرة داخلية صادرة عن البيت الأبيض، بخصوص خطة إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب لتقليص ميزانية وزارة الخارجية بنسبة تصل إلى 48%، تشمل خفض التمويلات الموجهة إلى المنظمات الدولية، من بينها الأمم المتحدة وحلف “الناتو”.

وتشمل هذه الخطة إنهاء الدعم الموجه لحوالي 20 هيئة دولية، وهو ما يُهدد تمويل بعثة “المينورسو”، التي تُعتبر الولايات المتحدة أكبر مموليها.

هذه التحولات الدولية انعكست ميدانيًا على أداء البعثة الأممية، إذ أعلن الروسي ألكسندر إيفانكو، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بالصحراء، في إحاطته أمام مجلس الأمن بتاريخ 14 أبريل 2025، أن البعثة تواجه “أزمة مالية حادة” بسبب تأخر الدول الأعضاء في سداد مساهماتها.

وأوضح أنه اضطر إلى اتخاذ “تدابير صارمة”، تمثلت في تقليص الدوريات البرية شرق وغرب الجدار الأمني، إلغاء طلعات المروحيات غربه، وتأجيل تعويض المراقبين العسكريين المنتهية ولايتهم.

ويرى مراقبون أن إنهاء مهام موظفي المفوضية الأممية للاجئين في تندوف والرباط، قد يشكل بداية فعلية لتقليص الدور الأممي في الملف، خاصة في ظل غموض يلف مستقبل بعثة “المينورسو” ووظائفها العملياتية، مقابل تصاعد الزخم الدولي حول مقترح الحكم الذاتي كحل وحيد قابل للتطبيق.

وفي ظل هذا السياق الدولي المتحول، يظل مصير الملف داخل أروقة الأمم المتحدة مرهونًا بتحولات سياسية واستراتيجية أكبر، وسط تساؤلات متزايدة حول جدوى استمرار الدور الأممي في صيغته الحالية.