وثائق سرية تكشف تورط الجزائر في عمليات ترهيب بفرنسا وإسبانيا

كشفت صحيفة “جورنال دو ديمانش الفرنسية، في تحقيق استقصائي حديث، عن تورط الجزائر في إدارة شبكة سرية على الأراضي الفرنسية والإسبانية تستهدف معارضين جزائريين منفيين، عبر ممارسات وصفت بالترهيبية وغير القانونية.

التحقيق، الذي حمل عنوان “الألاعيب الجزائرية القذرة في فرنسا”، استند إلى وثائق وتحليلات أمنية فرنسية سرية، إضافة إلى شهادات تؤكد ضلوع شخصيات رسمية جزائرية في هذه العمليات، على رأسهم الرئيس عبد المجيد تبون.

ووفقًا للتحقيق، فإن السلطات الجزائرية لجأت إلى تعقب وتحييد عدد من الشخصيات المعارضة المقيمة في أوروبا، من بينهم اليوتيوبر أمير بوخورز المعروف بـ"أمير دي زاد"، الذي اختُطف في باريس في أبريل 2024، والصحفي عبدو سمار الذي تعرض لاعتداء جسدي في فرنسا سنة 2023، والعسكري السابق هشام عبود الذي تم اختطافه في برشلونة في أكتوبر من العام نفسه. وتتهم السلطات الجزائرية هؤلاء المعارضين بالتحريض وزعزعة الاستقرار، بينما تؤكد التحقيقات الفرنسية أنهم ضحايا ملاحقات خارج القانون.

التحقيق أشار إلى ما وصفه بـ"التورط المباشر" للرئيس تبون، الذي يُزعم أنه أصدر أوامر صريحة بملاحقة أمير بوخورز منذ سنة 2021، وُصف خلالها بأنه "غاضب ومهووس بقمع خصومه". كما كشف التحقيق عن شبكة يقودها جنرال المخابرات الخارجية رشدي فتحي موساوي، المعروف بلقب "صادق"، إلى جانب العقيد سواهي زرقين المكلف بتنسيق العمليات السرية، وبوعلام بوعلام مدير ديوان الرئيس.

وتضمنت الأدلة التي أبرزها التحقيق معلومات دقيقة عن تحركات العملاء، تتراوح بين تعقب الاتصالات الهاتفية بالقرب من مواقع الحوادث، وإرسال تقارير وصور مشفرة إلى السفارات الجزائرية، ووضع أجهزة تعقب في سيارات المستهدفين، إلى جانب تسليم مبالغ مالية نقدًا للمنفذين، وتوثيق انسحاب دبلوماسيين جزائريين بعد فشل بعض العمليات.

وعلى خلفية هذه المعطيات، طالبت وزارة الخارجية الفرنسية برفع الحصانة الدبلوماسية عن أحد مسؤولي السفارة الجزائرية في باريس، لتمكين السلطات القضائية من التحقيق معه. كما تتابع المديرية العامة للأمن الداخلي الفرنسي عن كثب تحركات المشتبه فيهم، وسط ما وُصف بأنه تصعيد غير مسبوق في نشاط الاستخبارات الجزائرية داخل فرنسا.

وفي سياق داخلي جزائري، كشف التحقيق عن صراعات حادة وتنافس على النفوذ داخل الأجهزة الأمنية، أدت إلى إقالات وتعيينات جديدة، من بينها تثبيت الجنرال صادق على رأس المديرية العامة للوثائق والأمن الخارجي، مع الإشارة إلى أنه يواصل الإشراف على العمليات في أوروبا عبر وسطاء موثوقين.

ويخلص التحقيق إلى أن هذه الممارسات تعكس ما اعتُبر "استراتيجية دولة في القمع العابر للحدود"، تُدار من أعلى هرم السلطة في الجزائر، بما يؤكد حالة التوتر المتنامي بين باريس والجزائر، في ظل اتهامات بأن النظام الجزائري يتعامل مع كل معارضة، مهما كانت محدودة، باعتبارها تهديدًا يجب تحييده، ولو عبر أدوات الدولة الأمنية والدبلوماسية.