قانون الإضراب يدخل حيز التنفيذ بتفاصيل صارمة

يدخل القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب حيز التنفيذ اليوم الأربعاء 24 شتنبر 2025، بعد مرور ستة أشهر على نشره في الجريدة الرسمية عدد 7389 بتاريخ 24 مارس الماضي، ويأتي هذا النص التشريعي ليضع لأول مرة إطارا قانونيا مفصلا ينظم ممارسة حق دستوري ظل مؤطرا فقط بالإجتهادات القضائية والممارسات العملية.

وأكد القانون في مادته الأولى أن الإضراب حق يضمنه الدستور وتحميه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان واتفاقيات منظمة العمل الدولية التي صادقت عليها المملكة، كما نص على بطلان أي تنازل عن هذا الحق، محددا المبادئ المؤطرة لممارسته، من بينها الحرية النقابية، عدم التمييز، التسوية السلمية لنزاعات الشغل، واحترام شروط الصحة والسلامة المهنية.

وقد عرفته المادة الثانية بكونه توقفا مؤقتا عن العمل كليا أو جزئيا، يتخذ بقرار من الجهة الداعية إليه، ويمارس من طرف مجموعة من العمال أو المهنيين دفاعا عن حقوق أو مصالح اجتماعية أو مهنية أو اقتصادية.

كما حدد القانون الجهات المخولة بالدعوة للإضراب في النقابات الأكثر تمثيلية، النقابات ذات التمثيلية على الصعيد الوطني أو داخل المرفق العمومي، النقابات المهنية، لجان الإضراب المنتخبة داخل المقاولة، إضافة إلى النقابات الممثلة للعمال المنزليين. واشترطت المادة 12 أن يوقع محضر قرار الإضراب 25% على الأقل من أجراء المؤسسة، ويصادق عليه في جمع عام حضره 35% من الأجراء، مع حصر أعضاء لجنة الإضراب في ستة أفراد كحد أقصى.

أما من حيث الآجال، فقد نصت المادة 13 على وجوب استنفاد مسطرة التفاوض بخصوص الملف المطلبي أو القضايا الخلافية خلال آجال محددة، 45 يوما قابلة للتمديد بالنسبة للقطاع العام والوطني، و15 يوما قابلة للتمديد على مستوى المقاولة.

وفي المادة 14، فرض القانون تبليغ قرار الإضراب سبعة أيام قبل التنفيذ على المستوى الوطني وخمسة أيام في حالة المقاولات أو المرافق العمومية، كما ألزمت المادة 15 أن يتضمن القرار هوية الجهة الداعية وأسباب الإضراب وأماكنه وتوقيته، مرفقا بالملف المطلبي أو المحضر القانوني.

وميز القانون كذلك بين الإضراب المشروع وغير المشروع، حيث نصت المادة 5 على أن كل إضراب مخالف لمقتضيات النص التنظيمي يعد غير مشروع، وأكدت المادة 6 أن المشاركة في الإضراب توقف مؤقت عن العمل لا يؤدى عنه أجر، دون أن يؤدي ذلك إلى فقدان الحق في العودة للعمل.

كما منعت المادة 9 أي عقوبات تأديبية أو فصل بسبب ممارسة الإضراب المشروع، وحظرت في المقابل إحلال عمال مكان المضربين أو نقل الآليات خلال فترة الإضراب، ولضمان استمرارية المرافق الحيوية، نصت المادة 21 على إلزامية توفير حد أدنى من الخدمة في قطاعات أساسية مثل المستشفيات، المحاكم، بنك المغرب، الأرصاد الجوية، المواصلات، الاتصالات، شركات الأدوية وإنتاج الأوكسجين الطبي، الماء والكهرباء، جمع النفايات، إلى جانب المرافق البيطرية ومصالح المراقبة الصحية في الحدود والمطارات.

أما المادة 22 فقد منعت ممارسة الإضراب على موظفي الدفاع الوطني، الأمن، الشرطة، الدبلوماسيين، وكل من يُكلف بضمان حد أدنى من الخدمة.

وفي باب الجزاءات، جاء القانون صارما، إذ اعتبرت المادة 23 كل مشاركة في إضراب غير مشروع بمثابة غياب غير مبرر يستوجب العقوبات التأديبية، كما نصت المادة 24 على غرامات بين 50 ألف و100 ألف درهم ضد من يعرقل حق الإضراب أو يغلق المقاولة بشكل مخالف، وأقرت المادة 25 غرامة من 20 ألف إلى 50 ألف درهم على من يحل عمالا مكان المضربين، مع مضاعفة الغرامة حسب عددهم.

كما عاقبت المادة 26 من يتخذ إجراءات تمييزية في حق المضربين بغرامة بين 15 ألف و30 ألف درهم، وأقرت المادة 27 غرامات تتراوح بين 1200 و8000 درهم على من يرفض الأنشطة الضرورية أو الحد الأدنى من الخدمة، فيما تصل العقوبات في المادة 28 إلى 50 ألف درهم ضد من يدعو إلى إضراب دون احترام المساطر القانونية، مع مضاعفة العقوبات في حالة العود.

كما شدد القانون على أن أي توقف فردي أو غير منظم عن العمل خارج الإطار النقابي أو القانوني لا يدخل ضمن نطاق الحماية، بل يعرض صاحبه لعقوبات تأديبية أو حتى لفقدان عمله، وبذلك، فإن 24 شتنبر 2025 سيكون بداية مرحلة جديدة في علاقة الشغل بالمغرب، حيث تصبح الممارسة القانونية المنظمة شرطا أساسيا لأي إضراب، في توازن بين حقوق الأجراء وضمان استمرارية المرافق والخدمات الحيوية.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *