كيف تسبّب سودو وأمين مال “البيجيدي” في أزمة داخل معقل الإسلاميين؟

يشهد حزب العدالة والتنمية بمدينة سلا واحدة من أعقد أزماته الداخلية، بعدما تفجرت خلافات حادة بين قياداته المحلية والوطنية على خلفية مواقف وتصرفات اعتُبرت مناقضة لخط الحزب ومضرة بصورته لدى الرأي العام المحلي.

فقد عبرت مصادر من داخل الكتابة الإقليمية للحزب بسلا لـ”بلبريس” عن استيائها من مواقف المستشار الجماعي عبد اللطيف سودو، الذي شغل مهمة ممثل الأغلبية في مؤسسة التعاون بين الجماعات المكلفة بالنقل الحضري والكهرماء (قبل الشركة الجهوية) وملف مواقف السيارات، رغم تموقعه في المعارضة.

وخلال تلك المرحلة دافع عن الزيادة في أسعار النقل الحضري بكل من سلا والرباط، وهو ما أثار غضب قواعد الحزب محليا، واعتُبر انحيازا لمصالح الشركة على حساب الساكنة.

غير أن الأزمة تعمقت أكثر بعدما سمحت إدارة الحزب للموقع الإلكتروني الرسمي بنشر رد لعمر السنتيسي، عمدة سلا باسم حزب الاستقلال، على مقال رأي كتبته المستشارة الجماعية وعضو الكتابة الإقليمية للحزب أمينة أوشعيب.

القرار اعتُبر انتصارا لخصم سياسي على حساب مناضلة من الحزب، الأمر الذي دفع حسن حمورو، نائب الكاتب الإقليمي بسلا، إلى إعلان تجميد عضويته، متسائلاً عن جدوى نشر موقع الحزب لبيان يساند رئيس جماعة سلا، الذي لا يختلف – في نظره – عن “نخب 8 شتنبر” التي واجهها الحزب سياسيا.

ومع توالي ردود الأفعال، كشف بعض الأعضاء لـ”بلبريس” أن بهاء الدين أكدي، أمين المال الوطني للحزب والمستشار الجماعي بسلا، هو من نسّق مع السنتيسي لنشر البيان في موقع الحزب، ما زاد من حدة التوتر.

وفي السياق نفسه، أعاد عبد اللطيف سودو نشر بيان موقع باسم رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس المدينة على صفحته في “فيسبوك”، في خطوة فسرت كتضامن مع أوشعيب، لكنها حملت أيضاً رسائل انتقاد مبطنة.

وترى الكتابة الإقليمية للحزب بسلا أن القيادة المركزية تتساهل مع تصرفات سودو وأكدي، معتبرة أنهما فوق المحاسبة بحكم موقعهما داخل الأجهزة الوطنية.

كما ذكّرت بأن الحزب سبق أن اتخذ إجراءات صارمة في حالات مشابهة بالقنيطرة، حيث جرى إبعاد برلماني سابق بتهمة “الكولسة”، في حين يُترك المجال بسلا لسلوكيات تزيد من الغضب المحلي ضد الحزب.

إلى ذلك، لم يتوقف السجال عند الخلافات الداخلية، بل امتد إلى العلاقة مع عمدة سلا نفسه. فقد اتهمت أوشعيب السنتيسي بالقيام بحملة انتخابية سابقة لأوانها من خلال تفويت مدارس لتعاونية قرائية، بينما رد الأخير بأن الاتفاقية تعود إلى سنة 2014 وصادق عليها المجلس بإجماع أعضائه، بمن فيهم مستشارو الحزب، مذكرا بأن أوشعيب لم تُبد أي اعتراض طيلة السنوات التي كان فيها العدالة والتنمية يدبر شؤون المدينة.

وبين تبادل الاتهامات، والتبريرات المثيرة للجدل، والانقسامات غير المسبوقة، يجد حزب العدالة والتنمية في سلا، الذي كان يعد في وقت سابق أحد معاقل الإسلاميين، نفسه أمام أزمة ثقة عميقة بين قواعده المحلية وقياداته المركزية، أزمة تهدد بتماسكه التنظيمي وتضعف حضوره في المشهد السياسي بالمدينة.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *