“الكتاب”: “الحكومة تُقبر التنظيم الذاتي للصحافة”

أكدت نادية تهامي، النائبة البرلمانية عن فريق التقدم والاشتراكية، أن الحكومة، من خلال مشروع القانون المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، تجهز على أحد أهم مكتسبات دستور 2011، وتُمعن في تقويض أسس التنظيم الذاتي للمهنة، معتبرة أن المشروع يمثل “فضيحة سياسية وديموقراطية ودستورية بكل المقاييس”.

وقالت تهامي، خلال جلسة مجلس النواب أمس المخصصة للتصويت على المشروع، إن الإعلام هو الرئة التي تتنفس بها الديمقراطية، مشددة على أن المسارين لا يمكن فصلهما. وتابعت: “قلنا مراراً إن الحكومة لا تقترب من القضايا السياسية، واليوم نقول: يا ليتها لم تقترب، لأنها حين فعلت، اعتمدت مقاربة نكوصية تراجعية تتنافى مع الدستور وتهدم ما تحقق من مكتسبات ديمقراطية”.

وأضافت البرلمانية أن الحكومة اختارت تمرير المشروع “بهرولة زمنية” ومنهجية أحادية، دون توافق أو تشاور، ودون انتظار رأي المؤسسات الدستورية ذات الصلة، رغم أن فريقها كان سباقاً إلى المطالبة بذلك، معتبرة أن الصيغة التي قُدمت تتضمن اختلالات جوهرية وتراجعات فاضحة وتناقضات مع النص الدستوري.

وانتقدت تهامي ما وصفته بـ”الغموض المحيط” بمصدر المشروع، مشيرة إلى أن أغلب مكونات الحقل الإعلامي والحقوقي تتبرأ منه، وكأنه “منتوج سري أو شبح بلا أصل ولا هوية ولا نسب”، متسائلة: “هل هو صادر عن الوزارة؟ أم عن الحكومة؟ أم عن اللجنة المؤقتة؟ أم عن لوبيات مالية غير مرئية؟”.

وفي تقييمها لمضمون النص، أكدت أن جوهر القضية ليس المجلس الوطني في حد ذاته، بل الممارسة الصحفية، وحق المجتمع في إعلام حر وذي مصداقية، وحق الصحفي في الاشتغال بحرية ومسؤولية، دون متابعة أو تضييق، مطالبة بضمان الشروط المادية والمهنية والمعنوية التي تليق بسلطةٍ تُسهم في تشكيل الرأي العام.

كما أشارت إلى الوضعية الهشة لغالبية المقاولات الصحفية، داعية إلى توزيع عادل وشفاف للدعم العمومي، بعيداً عن الابتزاز أو الاستغلال أو التأثير من سلطة المال.

واستعرضت تهامي عدداً من التراجعات التي يتضمنها المشروع، معتبرة أن كل واحدة منها تُبرر لوحدها إسقاط النص، من بينها: إلغاء مبدأ انتخاب ممثلي الناشرين وتعويضه بالانتداب، فتح المجال لهيمنة مقاولات كبرى عبر تخصيص عدد من المقاعد بناءً على حجم المعاملات المالية، منح صلاحيات خطيرة للمجلس (قبل سحب بعضها في اللجنة)، تعديل نمط الاقتراع، تغييب تمثيلية الجمهور، إلغاء مبدأ التناوب على رئاسة المجلس، واستبعاد المقاربة التوافقية.

وفي ختام مداخلتها، شددت على أن المشروع يُقبر مفهوم التنظيم الذاتي، ويفتقر للتوازن بين انتظارات المجتمع والصحفي والمقاولة، معبرة باسم فريق التقدم والاشتراكية عن الرفض القاطع لصيغته الحالية شكلاً ومنهجاً ومضموناً.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *