ويأتي هذا القلق في أعقاب التصعيد الخطير الذي بدأ بهجوم إسرائيلي واسع النطاق على مواقع نووية وعسكرية إيرانية في 13 يونيو 2025، وهو الهجوم الذي ردت عليه طهران بوابل مكثف من الصواريخ الباليستية. وعلى الفور، صدرت مواقف رسمية من دول آسيا الوسطى؛ حيث أعربت وزارة الخارجية الأوزبكية عن استيائها البالغ من التصعيد العسكري، ودعت إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية، فيما عبرت قيرغيزستان عن قلقها العميق وحثت الطرفين على التهدئة.
ويعكس المزاج الشعبي هذا الموقف الحذر، حيث أظهر استطلاع رأي إقليمي معارضة واسعة لتقديم أي دعم عسكري لإيران، إذ لم تتجاوز نسبة التأييد 13% في طاجيكستان وهبطت إلى 5% في كازاخستان. وحتى على المستوى السياسي، ورغم وجود تعاطف نسبي مع طهران في كازاخستان وطاجيكستان، إلا أن المعارضة كانت قوية في دول أخرى مثل أذربيجان وأوزبكستان.
ويحذر التحليل الذي انجزته وكالة سبيشال اوراسيا ، من سلسلة من المخاطر المترابطة التي تهدد المنطقة، تبدأ بخطر التصعيد الذي قد يجر آسيا الوسطى إلى عدم استقرار شامل، مروراً بتقلب أسواق الطاقة، خاصة في حال تأثر مضيق هرمز، وصولاً إلى ضغوط الهجرة التي قد ترهق الخدمات الاجتماعية وتخلق تحديات أمنية. هذا المشهد المعقد لا يغيب عن أعين القوى الكبرى، فالصين تراقب بقلق أي اضطرابات قد تهدد استثماراتها في "مبادرة الحزام والطريق"، بينما قد تجد روسيا في الأزمة فرصة لتعزيز دور "منظمة معاهدة الأمن الجماعي" كضامن للاستقرار الإقليمي.
ويخلص التقرير إلى أن الصراع الإسرائيلي الإيراني يعرض آسيا الوسطى لمخاطر غير مباشرة ولكنها خطيرة. ويوصي بأن تقوم هذه الجمهوريات بتحصين حدودها، وتطوير تبادل المعلومات الاستخباراتية، ووضع خطط طوارئ لمواجهة أي تدفق للاجئين. فالحفاظ على استقلاليتها الاستراتيجية يتطلب تنسيقاً دبلوماسياً حذراً، خاصة مع لاعبين كبار مثل روسيا والصين، اللذين قد يستغلان الأزمة لتعزيز نفوذهما في المنطقة.