تتواصل الأزمة الدبلوماسية بين فرنسا والجزائر في التصاعد، بعد تقارير إعلامية أفادت باحتمال لجوء باريس إلى إجراءات عقابية ضد عدد من المسؤولين الجزائريين، من بينهم أفراد من عائلة الرئيس عبد المجيد تبون، وذلك على خلفية ما تعتبره السلطات الفرنسية تصعيدًا متعمّدًا من الجانب الجزائري.
ووفق ما أورده الصحافي الفرنسي من أصل جزائري محمد سيفاوي، خلال مشاركته في برنامج حواري على إحدى القنوات الفرنسية، فإن السلطات الفرنسية تدرس حاليا إمكانية تجميد أصول مالية وعقارية تعود لمسؤولين جزائريين بارزين، على رأسهم محمد وخالد تبون، نجلا الرئيس الجزائري، اللذان يملكان ممتلكات عقارية وتجارية داخل التراب الفرنسي.
وأشار سيفاوي، المعروف بتحقيقاته المنتقدة للنظام الجزائري، إلى أن المعلومات التي كشفها تستند إلى “مصادر موثوقة”، مؤكدا أن الرئيس تبون نفسه لا يمتلك أصولا في فرنسا، إلا أن أبناءه يحتفظون بثروات ومشاريع تجارية في هذا البلد، ما قد يجعلهم هدفًا مباشرا لأي تحرك فرنسي مرتقب في هذا الاتجاه.
ولم يستبعد الصحافي ذاته أن تتحول هذه المعلومات إلى قضية سياسية بعد نهاية ولاية تبون، خاصة في ظل ما اعتبره “تناقضا صارخا” بين الخطاب السياسي الجزائري المعادي لفرنسا، وواقع استثمار عدد من أفراد الطبقة الحاكمة الجزائرية في قلب الاقتصاد الفرنسي. وعلق على ذلك بالقول: “لا يمكن لنظام أن يهاجم فرنسا نهارًا، ويستثمر فيها سرًا ليلاً”.
وفي نفس السياق، أشار سيفاوي إلى امتلاكه قائمة بأسماء مسؤولين جزائريين آخرين يتوفرون على أصول في فرنسا، مشيرا إلى أن نشرها وارد في المستقبل القريب، تزامنا مع إعداد السلطات الفرنسية لقائمة تضم نحو 20 شخصية جزائرية قد تُفرض عليها عقوبات اقتصادية، وفق ما كانت قد أفادت به مجلة “لكسبريس” في تقارير سابقة.
وتأتي هذه التطورات في سياق دبلوماسي محتقن، بعد اتخاذ الجزائر سلسلة من الإجراءات المضادة ضد فرنسا، منذ إعلان باريس بشكل واضح دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء، وهو ما فجّر غضب الجزائر، التي ردّت بتجميد الاتصالات السياسية رفيعة المستوى، وتقليص منح التأشيرات، إلى جانب تبادل قرارات طرد غير معلنة لمسؤولين من الجانبين.
ويُخشى أن يقود هذا المنعطف إلى أزمة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين البلدين، خاصة في ظل غياب أي مؤشرات على نوايا التهدئة من الطرفين، واستمرار التصعيد الكلامي والدبلوماسي الذي باتت له تبعات اقتصادية وشخصية على كبار المسؤولين الجزائريين المقيمين أو المستثمرين في فرنسا.