يبدو أن المشهد السياسي المغربي يشهد تسخينات انتخابية مبكرة استعدادًا لانتخابات 2026، حيث تصاعدت حدة التراشق الكلامي بين قادة الأحزاب، وعلى رأسهم من جهة عبد الإله بنكيران، الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، وعبد الله بووانو رئيس المجموعة النيابية للحزب، ومن جهة أخرى وزير العدل عبد اللطيف وهبي، ورئيس الحكومة عزيز أخنوش، والقيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار رشيد الطالبي العلمي.
آخر هجوم لبنكيران كان قبل أيام على الحكومة الحالية، معتبرًا أنها "جاءت بعوامل سياسية غير طبيعية"، وأن هناك من يتوقع سقوطها قبل الانتخابات المقبلة.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل وصف بنكيران وزير العدل عبد اللطيف وهبي قبل أشهر وتحديدا في شتنبر 2024 بـ "وزير الفساد"، ورئيس الحكومة عزيز أخنوش بـ "سارق الأرامل"، وذلك بسبب دفاع وهبي عن عدم تجريم "العلاقات الرضائية" وتخفيض الحكومة لسعر الغازوال.
لم يتأخر رد قادة الأحرار، حيث اعتبر أخنوش أن "السب والقذف ليسا ممارسات سياسية، بل هما تعبير عن الفشل"، مؤكدًا خلال حضوره لجامعة شباب الاحرار، أن حزبه لن ينجر إلى الكلام الساقط.
بدوره، وصف رشيد الطالبي العلمي من نفس المنصة بنكيران بـ "الشخص البدائي الذي لم يدخل القرن الواحد والعشرين"، متعهدًا بالرد عليه وعدم التسامح معه.
وزير العدل عبد اللطيف وهبي لم يسلم من هذا التراشق، فبعد تصريحات بنكيران أمس عن ترامب، رد وهبي على عبد الله بوانو، القيادي في العدالة والتنمية، في البرلمان، قائلاً: "هل أتحدث عن رئيسك في المعارضة الذي اقترف أشياء تقع تحت طائلة القانون الجنائي؟"، في إشارة إلى بنكيران. كما أشار وهبي إلى أن بنكيران "أهان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب"، معتبراً أن هذا مخالف للقانون الجنائي.
وفي تصعيد للهجة تجاه الحكومة ووهبي، صرح عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية بمجلس النواب، بأن حكومة 8 شتنبر 2021 "متصالحة مع الفساد"، داعيًا إلى عدم الاستعجال في تمرير قانون المسطرة الجنائية.
وخلال اجتماع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، الأربعاء 12 فبراير، دعا بوانو إلى عدم تقييد حق المجتمع المدني في رفع دعاوى قضائية تتعلق بالفساد والمال العام، معتبراً أن منع جمعيات المجتمع المدني أو تقييد حقها في التقاضي في مجال محاربة الفساد وحماية المال العام، يتناقض مع مقتضيات الفصل 12 من الدستور، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة الفساد التي تؤكد على دور المجتمع المدني في هذا المجال.
هذه المواجهات الكلامية تعكس حالة الاحتقان السياسي في المغرب، وتُظهر التنافس الشديد بين الأحزاب استعدادًا لانتخابات 2026.
وبينما يرى البعض في هذا التراشق دليلًا على حيوية المشهد السياسي، يرى آخرون أنه لا يخدم مصلحة المواطن، بل يضفي نوعًا من الإثارة على المشهد السياسي دون أن يقدم حلولًا لمشاكل الناس.
يبقى السؤال الأهم: هل ستكون انتخابات 2026 محطة لتقديم برامج ومقترحات واقعية تخدم مصلحة المواطن، أم ستتحول إلى ساحة حرب كلامية لا تغني ولا تسمن من جوع؟