خرجات وزير العدل بين الجرأة والإثارة ... هل تنجح إصلاحاته رغم لهيب المواجهات؟

لا يختلف اثنان على أن وزير العدل عبد اللطيف وهبي يعد من بين أكثر الوزراء شعبية وجدلاً في حكومة أخنوش. شعبيته لا تنبع فقط من خرجاته الإعلامية الجريئة في ملفات شائكة مثل مدونة الأسرة، والقانون الجنائي، وقانون المسطرة المدنية، بل أيضاً من الملفات العالقة التي يسعى لإنهائها قبل عام 2026.

هذه الجرأة في طرح القضايا فتحت عليه جبهات متعددة، بدءاً من النشطاء واليوتيوبرز، مروراً بكتاب الضبط والمحامين، وصولاً إلى الصحافيين والجمعيات.

وهبي، المحامي والسياسي المخضرم، لا يتردد في مواجهة التحديات، وهو ما جعله في قلب العديد من الصراعات خلال عام 2024. فبعد مواجهته للصحافيين، وقضيته مع حميد المهدوي، وتصريحاته المنتقدة لبعض صناع المحتوى، انتقل إلى مواجهة كتاب الضبط بسبب النظام الأساسي للمهنة، مما أدى إلى إضرابات شلت المحاكم. ثم جاء قانون المسطرة المدنية، الذي أثار خلافات حادة مع المحامين حول عدة نقاط أساسية، منها السماح لغير المؤهلين بالنيابة عن المتقاضين، وتحديد قيمة النزاع كمعيار للطعن بالاستئناف والنقض، وغموض معيار "التقاضي بسوء النية".

ومع بداية الشهر الجاري، فتح وهبي جبهة جديدة مع الجمعيات، معلناً عن إعداد لائحة بجمعيات يشتبه في تورط مسؤوليها في تبييض الأموال، ومؤكداً عزم الحكومة اتخاذ إجراءات قانونية حازمة. هذه الخطوة، وإن كانت تهدف إلى مكافحة الفساد، إلا أنها أثارت تساؤلات حول مدى شفافية الإجراءات، وضمان عدم المساس بحقوق الجمعيات.

أسلوب وهبي في التواصل يثير جدلاً واسعاً، ففي حين يرى البعض فيه وزيراً جريئاً يطرح القضايا للنقاش بصراحة ووضوح، يرى آخرون أن أسلوبه المواجهاتي قد يؤدي إلى تأجيج الصراعات، وتعطيل جهود الإصلاح. فهل جانب الوزير الصواب في بعض مواقفه؟ أم أن هناك فعلاً فوضى تستدعي وقفة جادة؟

لا يمكن إنكار أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت مليئة بصناع المحتوى التافه وغير المتحقق منه، وأن بعضهم تقمص دور الصحافي دون امتلاك المؤهلات اللازمة. فالصحافة مهنة تتقاطع فيها الخطوط بين السلطة والمجتمع، وتمثل وسيطاً يجب أن يكون محايداً، غايته كشف الحقيقة فقط. لذلك، يجب التمييز بين الصحافيين المحترفين وصناع المحتوى، ومحاسبة كل طرف وفقاً للقوانين المنظمة للمهنة.

على الرغم من كل هذه الصراعات المثيرة للجدل، فإن عبد اللطيف وهبي يظل ظاهرة سياسية، لكونه لا يتردد في فتح المواضيع وطرحها للنقاش. يبقى السؤال: هل سيستمر الوزير في نهج أسلوب المواجهة، أم سيعتمد استراتيجية تواصلية أكثر توازناً، تأخذ بعين الاعتبار مصالح جميع الأطراف، وتسهم في تحقيق إصلاحات حقيقية في قطاع العدالة؟ وهل سينجح في تجاوز هذه التحديات، وتحقيق التوافق حول الملفات الشائكة المطروحة على مكتبه قبل عام 2026؟

 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.