منذ انعقاد مؤتمره الثامن عشر في أبريل 2024، شهد حزب الاستقلال تحولات جوهرية تعكس رغبة قيادته في إحداث تغيير حقيقي داخل صفوفه وتعزيز مكانته على الساحة السياسية.
وقد تجلى هذا التحول بشكل واضح في عملية تشكيل اللجنة التنفيذية الجديدة للحزب السبت 5 اكتوبر، والتي تأخرت 5 أشهر، مما يشير إلى عمق الإصلاحات الداخلية التي سعى الحزب لتحقيقها.
برز الأمين العام للحزب، نزار بركة، كمحرك رئيسي لهذه التغييرات، متبنياً نهجاً أكثر صرامة وحزماً في إدارة شؤون الحزب.
تجلى هذا النهج الجديد في عدة جوانب، أبرزها تجديد قيادة الحزب بنسبة تفوق 50%، مع التركيز على ضخ دماء جديدة، خاصة من فئتي النساء والشباب.
كما شهدت هذه المرحلة إبعاد بعض الشخصيات البارزة التي كانت تعتبر من صقور الحزب، مثل نور الدين مضيان وعبد القادر الكيحل وخديجة الزومي، في خطوة تعكس توجهاً واضحاً نحو القطيعة مع بعض الممارسات السابقة والتركيز على النزاهة والكفاءة.
يبدو أن حزب الاستقلال قد تبنى استراتيجية جديدة تركز على تخليق الحياة السياسية ومحاربة الفساد، متماشياً بذلك مع التوجهات الملكية في هذا الصدد.
وقد انعكس هذا التوجه في اختيار أعضاء اللجنة التنفيذية الجديدة، حيث تم التركيز على الكفاءات والبروفيلات المؤهلة، استعداداً للتحديات المستقبلية.
على الصعيد السياسي، يسعى الحزب إلى تقوية دوره الدستوري والسياسي والدفاع عن القضايا الاستراتيجية للبلاد. كما يولي اهتماماً خاصاً بتطوير أدائه الحزبي وتعزيز سياسة القرب من المواطنين.
وفي الوقت نفسه، يؤكد الحزب على دعمه للأوراش الإصلاحية الكبرى التي يقودها الملك محمد السادس، مما يعزز موقعه كشريك فاعل في المشهد السياسي المغربي.
إن نجاح حزب الاستقلال في تشكيل لجنته التنفيذية بعد هذا المخاض العسير قد يكون له تأثير مباشر على المشهد السياسي الأوسع، خاصة فيما يتعلق بالتعديل الحكومي المنتظر منذ فترة. فقد يكون هذا التأخير في إجراء التعديل مرتبطاً جزئياً بانتظار استكمال الإصلاحات الداخلية في حزب الاستقلال، باعتباره أحد الأحزاب الرئيسية في الائتلاف الحكومي.
في الختام، يمكن القول إن حزب الاستقلال يمر بمرحلة تحول جوهرية تهدف إلى إعادة تموضعه في المشهد السياسي وتحسين صورته العامة.
نجاح الحزب في إتمام هذه الإصلاحات الداخلية قد يكون له تأثير إيجابي على المشهد السياسي المغربي ككل، وقد يساهم في تسريع عملية التعديل الحكومي المرتقبة.
ومع ذلك، يبقى من الأهمية بمكان مراقبة كيفية ترجمة هذه التغييرات إلى أداء سياسي فعلي على أرض الواقع في الفترة القادمة، وكيف ستؤثر على دور الحزب في الحكومة وعلى المشهد السياسي المغربي بشكل عام.