''Le Point'' الفرنسية تتحدث عن "الباليه الدبلوماسي" المغربي الإسباني:هل تُلهم الرباط باريس؟

سلطت صحيفة "le point"  الفرنسية الضوء على تطور العلاقات المغربية الإسبانية، واصفة الأمر ب’’ الباليه الدبلوماسي ’’، حيث تجدثت عن زيارة رئيس الحكومة الإسبانية إلى المغرب، واستقباله من قبل الملك محمد السادس.

الصحيفة شبهت هذه التطورات برقصة الباليه، لكنه باليه دبلوماسي، في إشارة إلى الذهاء المغربي في قيادة المفاوضات مع مدريد التي غيرت من نبرتها وموقفها تجاه قضية الصحراء، بعد سوء الفهم في 2021 حين استقبلت زعيم البوليساريو.

وأشارت ’’لو بوان’’ إلى أن وزارة الخارجية الفرنسية أعلنت بدورها عن زيارة رئيس الدبلوماسية الفرنسية، ستيفان سيجورني، إلى المغرب.

وصدرت مقالها بسؤال دال’’ما الذي يجب أن نفهمه حول هذه العلاقة الجديدة التي ترغب فيها الرباط مع شريكيها الرئيسيين، إسبانيا وفرنسا؟"

"على قدم المساواة"

ذكرت الصحيفة أن الديوان الملكي اختار الكلمات بعناية للحديث عن اللقاء الهام، يوم الأربعاء 21 فبراير، بين الملك محمد السادس ورئيس السلطة التنفيذية الإسبانية.

وعلى خلفية المصالحة، تندرج هذه الزيارة في إطار “استمرارية المرحلة الجديدة من العلاقات الثنائية” التي بدأت في أبريل 2022، حسب بلاغ الديوان الملكي، ومع تعزيز الشراكة في جميع المجالات، تضيف "le point"  فإن المغرب لديه أسباب كثيرة للتعبير عن رضاه، وهذه العلاقة الجديدة التي أقامتها المملكة مع جارتها الأيبيرية تقوم على مبادئ «الثقة» والاحترام المتبادل’’ وحسن الجوار’’ والاحترام الالتزامات’’.

ومن الواضح أن هذا التغيير في عقيدة مدريد يحظى بتقدير كبير من قبل الرباط، التي واصلت في السنوات الأخيرة تسليط الضوء على رغبتها في أن تعامل "على قدم المساواة" من قبل شركائها، يضيف المصدر ذاته.

تجديد محور الرباط - باريس؟

رئيس الدبلوماسية الفرنسية ستيفان سيجورني، سيزور المغرب اليوم والهدف المعلن من الجانب الفرنسي هو “كتابة فصل جديد” واستئناف أجندة سياسية جديدة”.

وذكر الموقع ذاته، أن الوزير الفرنسي كان في قلب تصويت البرلمان الأوروبي في يناير 2023، ضد المغرب، والرباط انهت مهام سفيرها في 19 يناير 2023 لهذا السبب.

في سياق متصل علق السفير السابق والمحلل الدبلوماسي أحمد فوزي على هذه التطورات بالقول: “تضاعفت المؤشرات في الأيام الأخيرة، مما يشير إلى دفء واضح بين الرباط وباريس، حيث استغرق الأمر ثمانية أشهر من الصمت قبل أن تعين الرباط سميرة سيطايل سفيرة للمغرب في فرنسا.

وتابع فوزي في تصريح لـ’’ميديا 24 ’’أن هذا التعيين جاء بعد أسبوعين من تقديم السفير الفرنسي كريستوف لوكورتيي أوراق اعتماده للملك محمد السادس، والعديد من المراقبين يعتبرونه بمثابة بداية ذوبان الجليد بين الرباط وباريس.

ويظهر ان مهمة وزير الخارجية الفرنسي، والتي تتمثل في “العمل على التقارب بين فرنسا والمغرب”، لن تكون سهلة، لأن المغرب يتوقع أن يتغير الموقف الفرنسي في عدد من القضايا، من بينها قضية الصحراء.

ومع ذلك فالتصريحات الرسمية لا تشير إلى تغيير في الرأي في هذه القضيةلافتة أن الدبلوماسية الفرنسية تبنت الموقف نفسه من سنة 2007.

وفي حديثه على المهمة الموكلة إليه للاستثمار “شخصيا” في العلاقة الفرنسية المغربية، وعد المسؤول الفرنسي، في تصريح لصحيفة “ويست فرانس”، بأنه سيقوم بجميع المحاولات “في الأسابيع والأشهر المقبلة لتحقيق التقارب بين فرنسا والمغرب.

مسار جديد للشراكة المغربية الإسبانية

وإذا كان التعاون والتبادلات بين البلدين قد وصل إلى مستويات غير مسبوقة، فإن إسبانيا تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك وتحلم بأن تصبح مستثمرا مرجعيا في المغرب.

وتتمثل استراتيجية البلاد في زيادة عدد الشركات الإسبانية المنخرطة في التنمية الاقتصادية بالمغرب، باستثمارات بقيمة 45 مليار أورو في أفق 2050، في إطار الشراكة "المتعددة الأبعاد" و"المتعددة القطاعات" التي تربط البلدين.

ومن أجل فهم هذا المسار الجديد للشراكة المغربية الإسبانية، يجب أن نتذكر أن المغرب جعل الاعتراف الإسباني بمبادرة  الحكم الذاتي المغربية شرطا أساسيا لمناقشة نقاط التوتر القائمة مع إسبانيا.

وهكذا، انضمت إسبانيا، في 14 مارس 2022، بصوت بيدرو سانشيز، إلى الاقتراح المغربي من خلال رسالة موجهة إلى الملك محمد السادس قال فيها “نعترف بأهمية الصحراء المغربية بالنسبة للمغرب” ونعتبر الاقتراح المغربي للحكم الذاتي بمثابة "الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية".

وهذا الموقف، الذي كرره مرة أخرى رئيس السلطة التنفيذية الإسبانية، وصفته الرباط بـ”البناء” و”المهم”.

الصحيفة  قالت إن الأمر يتعلق بإعادة تشكيل التحالفات في جنوب البحر الأبيض المتوسط.

تحالف "هجرة" استراتيجي

ومع ذلك، فإن هذا القرب الجغرافي بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط ​​يجذب المزيد من المهاجرين الذين يحاولون العبور بشكل غير قانوني إلى الحدود الأوروبية. وفيما يتعلق بمكافحة الهجرة غير الشرعية، يعتبر المغرب "حليفا أساسيا" لـ "الهجرة المنظمة في إسبانيا وفي القارة الأوروبية"، حسبما رد سانشيز على انتقادات المعارضة.

ولدعم تصريحاته، يعتمد المسؤول الإسباني على أرقام الربع الأول من عام 2023: حيث “انخفض عدد الوافدين من المهاجرين غير الشرعيين إلى جزر الكناري بنسبة 63%، بينما ارتفع عدد الوافدين إلى اليونان وإيطاليا خلال نفس الفترة بنسبة 95% و300%”. . » في 17 نوفمبر، حاول أكثر من 1000 مهاجر من جنوب الصحراء دخول جيب سبتة الإسباني، محاولة أحبطتها سلطات إنفاذ القانون المغربية.

"جسر" بين أفريقيا وأوروبا

مثال آخر على التغيير الذي طرأ على أبعاد علاقة المغرب بأوروبا مع أفريقيا هو التنظيم المشترك ــ مع البرتغال ــ لبطولة كأس العالم لكرة القدم لعام 2030.

والواقع أن المغرب، الذي يستعد لاستضافة بطولة كأس الأمم الأفريقية لعام 2025، سيكون واحداً من الدول المضيفة لكأس العالم 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال، في سياق تميز بصعود المملكة في كرة القدم العالمية خاصة ما حققه في قطر 2022.