عيون ذكية بلا ضوابط: تقرير يحذر من اختراق الحريات في مدن مغربية مراقَبة بالكاميرات

في تقرير مثير للجدل، حذر المعهد المغربي لتحليل السياسات من التوسع المتزايد في استخدام أنظمة المراقبة الحضرية الذكية في مدن المملكة، دون وجود إطار قانوني ومؤسساتي متكامل يضمن حماية الحياة الخاصة وحقوق الإنسان. التقرير، الصادر تحت عنوان: "كاميرات المراقبة الحضرية بين متطلبات الأمن وحماية حقوق الإنسان"، دق ناقوس الخطر بشأن ما وصفه بـ"الانزلاق الصامت" نحو دولة مراقبة بلا ضوابط.

وأشار التقرير إلى أن اعتماد الأدلة الرقمية في السياسات الأمنية، رغم أهميته، لا يمكن أن يتم في غياب تنسيق مؤسساتي فعال، أو في ظل ما سماه بـ"العدالة المجالية المختلة" في توزيع أنظمة المراقبة، مما يعمق التفاوت ويهدد الثقة في المؤسسات.

وفي توصياته، دعا المعهد إلى سن "ميثاق حضري ديمقراطي" يُصاغ بتنسيق بين وزارة الداخلية والجماعات الترابية واللجنة الوطنية لحماية المعطيات، يكفل مبادئ واضحة لاستخدام كاميرات المراقبة، مع مراجعة القانون 08-09، الذي لم يعد، بحسب التقرير، مواكبًا للتطورات التقنية ولا للدستور المغربي الجديد.

التقرير لم يكتف بالتحذير، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، مشيرًا إلى ثغرات قانونية خطيرة، تسمح للسلطات الأمنية بالعمل خارج رقابة اللجنة الوطنية، وهو ما يفتح الباب أمام انتهاكات محتملة للحريات دون أي مساءلة. كما اقترح الاستفادة من النموذج الفرنسي الذي منح هيئات الرقابة صلاحيات موسعة، من بينها فرض العقوبات، وتعيين "مفتشي حماية البيانات" على مستوى البلديات.

أما على الصعيد الدولي، فاستعرض التقرير نماذج مقلقة لاستعمالات منحرفة للذكاء الاصطناعي والمراقبة الرقمية، أبرزها ما حدث في الولايات المتحدة من برمجيات عنصرية صنفت مواطنين سود كمجرمين محتملين، وحالة مقتل الشاب نائل المرزوكي في فرنسا بعد تدخل أمني مدعوم بتقنيات مراقبة، استُعملت فيها القوة المفرطة ضد أبناء المهاجرين.

وفي مقارنة وصفها بـ"التحذيرية"، أشار التقرير إلى النموذج الصيني الذي يوظف الكاميرات الذكية في نظام "الرصيد الاجتماعي"، حيث يُقَيَّم المواطنون بناءً على سلوكهم الرقمي، ويُعاقبون بمنعهم من الوظائف أو التنقل، ما اعتبره التقرير أخطر سيناريو رقمي للرقابة المجتمعية.

وفي ختام الوثيقة، شدد المعهد على أن الأمن لا يجب أن يكون على حساب الحقوق، داعيًا إلى مراجعة عاجلة للتشريعات الوطنية، وإشراك المجتمع المدني والخبراء في صياغة منظومة متوازنة تحفظ الأمن وتحمي كرامة المواطن المغربي.