كشفت زينب العدوي الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، أن المجلس منكب على ورشين ذوي أهمية بالغة، يتعلقان بإصلاح مدونة المحاكم المالية وبتعزيز وظيفة دعم المهن، وذلك في سياق تنزيل توجهاته الاستراتيجية برسم الفترة -2022 ،2026 وسعيا منه إلى الارتقاء أكثر بأعمال المحاكم المالية.
و قالت العدوي في جلسة عمومية مشتركة لمجلسي البرلمان، خلال تقديم عرض عن أعمال المجلس الأعلى للحسابات برسم 2022-2023، إن "المجلس بصدد وضع اللمسات الأخيرة على مشروع يروم إصلاح مدونة المحاكم المالية المعمول بها حاليا، والتي ترجع إلى سنة 2002".
ونوهت رئيسة مجلس الحسابات باستقلالية المحاكم المالية، التي يضمنها الدستور، وتموقع هذه المحاكم على مسافة متساوية من السلطتين التشريعية والتنفيذية، معتبرة أنه عاملا مهما في ضمان حيادها وموضوعيتها ومصداقيتها في التحليل والتشخيص واقتراح سبل الإصلاح، مما يساهم في رفع منسوب الثقة في مؤسسات الد ولة لدى مختلف الأطراف ذات الصلة، و لاسيما المواطنين والمستثمرين وكذا مؤسسات التمويل الدولية.
وحسب العدوي يروم هذا الإصلاح من جهة، ملاءمة المقتضيات الحالية مع التحولات التي عرفها تدبير الشأن العمومي، خصوصا الجوانب ذات الصلة بالمالية العمومية، والمرتبطة برقمنة عمليات الإدلاء بالحسابات والانتقال، بالنسبة لمصالح الدولة، إلى المحاسبة العامة والتصديق على حسابات الدولة وكذا اعتماد التدبير القائم على النتائج، ومن جهة أخرى، الإستفادة من الدروس المستخلصة من أكثر من عشرين 20 سنة من التطبيق العملي للمدونة الحالية وجعل المساطر المتبعة من طرف المحاكم المالية أكثر استجابة لمعايير الفعالية والنجاعة ومبادئ المحاكمة العادلة انسجاما مع مقتضيات الدستور ومع الممارسات الفضلى المعتمدة في هذا المجال، مع الحرص على مراعاة خصوصيات نظام الرقابة العليا المعمول به ببالدنا.
وشددت العدوي على عمق هذا الإصلاح القائم على جعل مبدأ المساءلة وربط المسؤولية بالمحاسبة، في مختلف تجلياته، المرتكز الأساسي للرقابة على المال العام ببلادنا والمبدأ العام الذي يخضع له جميع المدبرين العموميين، مؤكدة أن هذا ما يستوجب إعادة النظر في نظام المسؤولية وما يتعلق به من طبيعة المخالفات وظروف ارتكابها وكذا نظام العقوبات.
ورأت المتحدث ذاتها أنه لم يعد من الناجع حصر المتابعات في أفعال تتعلق بمخالفة مساطر وقواعد قانونية شكلية، بعضها قد يكون ناجما عن إكراهات التدبير دون أن يؤدي إلى أي خسارة للجهاز العمومي، في الوقت الذي تظل فيها بعض الأفعال المرتبطة بسوء التدبير أو بعدم الوفاء بالالتزامات الوظيفية والتعاقدية، مع ما قد يترتب عن ذلك من ضرر للمرتفق وخسارة للمرفق العمومي وفي بعض الحالات من تكلفة اجتماعية، غير معنية بنطاق المتابعة أمام المحاكم المالية.
"إن من شأن هذا الإصلاح أن يؤدي، في انسجام تام مع المقتضيات الدستورية القاضية بربط المسؤولية بالمحاسبة، إلى إعادة النظر في أدوار القاضي المالي بما يستجيب لمتطلبات نجاعة وفعالية العمل القضائي، ويعزز وظيفة المحاكم المالية كمؤسسات دستورية تسهر على التدبير السليم للمال العام، ببعديه الأساسيين: الانضباط للقواعد القانونية ذات الصلة والتقيد بالمبادئ الرئيسية للتدبير الرشيد"، حسب العدوي.