الساحل والصحراء.. هكذا تبتز الجزائر موريتانيا لطعن المغرب في الظهر

أبدت مجموعة من الدول الأفريقية اهتماما كبيرا بالمبادرة المغربية، التي أطلقها الملك محمد السادس، لتعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، مما يتيح فرصا كبيرة للتحول الاقتصادي للمنطقة برمتها؛ حيث أعرب وزراء خارجية "بوركينا فاسو" و"مالي" و"النيجر" و"تشاد" بمراكش، عن انخراط بلدانهم في هذه المبادرة الدولية.

 

وجاء هذا الانضمام في البيان الختامي المشترك، خلال اجتماع التنسيق بشأن تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، الذي انعقد بمبادرة من وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج "ناصر بوريطة"، يوم السبت 23 دجنبر 2023 بمراكش.

 

ورغم أن "نواكشوط" لم تعلن بشكل رسمي انضمامها، إلاّ أنها أظهرت اهتماما كبيرا بالمبادرة التي تروم تأهيل منطقة الساحل الأطلسي.

 

ونتيجة لاهتمام "نواكشوط" بهذا المشروع التنموي الذي من شأنه النهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لدول المنطقة، وعلى رأسهم سكان موريتانيا، لجأت الجزائر إلى أسلوب الابتزاز ولي الذراع، لإجبار موريتانيا على التراجع عن الانضمام للمبادرة المغربية.

 

وبدا الضغط الاقتصادي الجزائري جليا في31 دجنبر حيث نشر في الجريدة الرسمية، عن إقفال حسابات القروض الممنوحة لـ «موريتانيا"، وهي اشارة شديدة التهديد ضد "نواكشوط"، بشأن انطباعها الايجابي تجاه المبادرة التي أطلقها الملك محمد السادس، والتي تتيح لدول الساحل الوصول إلى المحيط الأطلسي.

 

وقد أدى هذا التدخل الأجنبي في سيادة موريتانيا مقابل منح القرض، إلى تصعيد موريتانيا ضد المغرب وتبني سياسة مناوئة لمصالحه من خلال اتخاذ قرار اقتصادي يقضي بزيادة الرسوم الجمركية بنسبة 171 %، من أجل عبور الشاحنات المغربية من الأراضي الموريتانيا، دون أن يشمل القرار باقي الدول الأجنبية.

 

وإضافة لنواكشوط شمل القرار الجزائري أيضا الدول المنخرطة في المبادرة وأخرى قريبة من المغرب، مثل "مالي" و"النيجر" و"بوركينا فاسو" و"تشاد" و"غينيا بيساو و "البينين".

 

جدير بالذكر أن الجزائر سبق أن حاولت استعمال هذا الأسلوب الابتزازي ضد إسبانيا، لكنها وجدت نفسها في مواجهة مع الاتحاد الأوروبي، الذي وبخها على هذا الأسلوب، وقدم لها درسا في مفهوم السيادة والدولة الأمة والاستفراد بالقرار السياسي الداخلي والخارجي، على اعتبار أن العلاقات المغربية الأوروبية شأن "مقدس" ولا دخل للجزائر فيه مادامت لا تهدد المصالح الجزائرية؛ الأمر الذي أدى إلى عزل الجزائر واجبارها على التراجع.

 

في المقابل نجحت الجزائر نوعا ما في ابتزار بعض دول الجنوب، اقتصاديا من أجل الضغط السياسي.

 

ظهر جليا هذا النوع من الابتزاز حينما أجبرت الجزائر "قيس سعيد" على استقبال زعيم عصابة "البوليساريو" بمطار قرطاج، مستغلة الوضع الاقتصادي للجارة الشمالية، الأمر الذي خلق ازمة بين تونس والمغرب تم تداركها لاحقا.

 

الصحوة التونسية ليست منفردة إذ أن دولا عدة لم تعد تعر اهتماما لأسلوب الابتزاز الاقتصادي – السياسي.

 

يأتي هذا الوعي بمفهوم السيادة بعد الصحوة الافريقية الأخيرة للشعوب الأفريقية ضد التغلغل الفرنسي، الذي دأب على تقويض مصالحهم الأمنية والسياسية والاقتصادية.

 

فلم تعر تلك الدول الأفريقية المشمولة بالقرار اهتماما للضغوطات الجزائرية، لأنها في مرحلة تحرر وتمرد ضد واحدة من أعتى القوى الاستعمارية في القرنة العشرين، فما وزن الجزائر أمام فرنسا كي تنصاع لها.

 

على الجزائر أن تدرك جيدا أن أفريقيا اليوم يقودها جيل جديد من السياسيين، لا يؤمن بغير الدولة الأمة التي تضع مصالحها فوق كل اعتبار.