رسوم ترامب تربك الأسواق العالمية

شهدت الأسواق المالية العالمية، يوم الجمعة، تراجعًا ملحوظًا إثر إعلان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عن حزمة جديدة من الرسوم الجمركية التي تستهدف صادرات عشرات الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، من بينهم كندا والبرازيل والهند وتايوان وسويسرا، في خطوة اعتبرتها عدة عواصم “تصعيدية” وتفتقر لأي أساس اقتصادي واضح.

وبموجب القرار الرئاسي الجديد، تم رفع الرسوم الجمركية إلى نسب متفاوتة، من أبرزها 35% على السلع الكندية، و50% على البرازيلية، و25% على الهندية، و20% على التايوانية، و39% على الواردات السويسرية، كما شملت الإجراءات زيادات على واردات من 69 شريكًا تجاريًا، ما يرفع متوسط التعريفة الفعلية الأميركية إلى نحو 18%، بعد أن كانت 2.3% فقط العام الماضي، بحسب تقديرات مؤسسة “كابيتال إيكونوميكس”.

وتأثرت المؤشرات العالمية سلبًا، حيث تراجع مؤشر “ستوكس 600” الأوروبي بنسبة 1% خلال الساعة الأولى من التداول، مسجلًا أكبر خسارة أسبوعية له منذ أبريل الماضي. كما انخفضت العقود الآجلة لكل من مؤشر “ناسداك” و”S&P 500″ بنحو 1%.

ورغم الخسائر، اعتبر محللون أن الأسواق باتت تتكيف تدريجيًا مع واقع الرسوم المرتفعة. وفي هذا السياق، صرحت “وي ياو”، كبيرة الاقتصاديين لمنطقة آسيا في بنك “سوسيتيه جنرال”، أن “الأسواق أصبحت تتقبل بشكل متزايد فكرة رسوم بين 15 و20%، مقارنة مع تهديدات سابقة أكثر حدّة”.

ردود فعل غاضبة ومساعٍ تفاوضية:

عبرت عدد من الدول التي شملتها الرسوم عن رفضها للقرار، معلنة نيتها التفاوض مع واشنطن لتخفيض المعدلات الجمركية، إذ أكدت الحكومة السويسرية سعيها إلى حل “تفاوضي”، في حين وصف مدير اتحاد الصناعات السويسرية، ستيفان بروبباخر، الرسوم بأنها “تعسفية وتفتقر للمنطق”.

واعتبر الرئيس التايواني لاي تشينغ-تي بدوره أن الرسوم الأميركية الجديدة “مؤقتة”، معربًا عن أمله في التوصل إلى معدل أقل، أما وزير التجارة الجنوب أفريقي، باركس تاو، فدعا إلى “تدخلات عملية وفعالة” لحماية فرص الشغل، بعد فرض رسوم بلغت 30% على صادرات بلاده.

وفي جنوب شرق آسيا، تنفس عدد من المسؤولين الصعداء بعدما جاءت الرسوم أقل من المتوقع، وبلغت حوالي 19% في المتوسط، حيث قال وزير المالية التايلاندي بيتشاي تشونهواجيرا إن الخفض من 36% إلى 19% “يعزز تنافسية تايلاند وثقة المستثمرين ويفتح آفاقًا للنمو”.

تأثير متفاوت حسب الدول:

في المقابل، اعتبر وزير التجارة الأسترالي دون فاريل أن إبقاء رسوم 10% فقط على المنتجات الأسترالية “يعزز موقعها التنافسي في السوق الأميركية”، غير أن خبراء اقتصاد ورجال أعمال أكدوا أن النتائج العامة لهذه السياسة ستكون سلبية على الاقتصاد العالمي.

وقال توماس روبف، المسؤول في بنك VP بسنغافورة، إن “النزاعات التجارية لا تُفرز رابحين فعليين”، مضيفًا: “حتى الدول التي حصلت على شروط أفضل، لن تسلم من الأثر العام السلبي”. من جهته، أبدى صانع النبيذ الألماني يوهانس زيلباخ قلقه قائلاً: “الرسوم ستؤذي الجميع، من المنتجين في أوروبا إلى العاملين في سلاسل التوريد داخل أميركا”.

ووفق القرار التنفيذي، ستُفرض رسوم موحدة بنسبة 10% على واردات باقي الدول غير المدرجة، مع إشارة ترامب سابقًا إلى احتمال رفع هذا المعدل مستقبلًا، إذ ألمحت الإدارة إلى أن مفاوضات تجارية جديدة تُجرى حاليًا مع عدد من الدول.

تصعيد مع كندا واستثناء مؤقت للمكسيك:

أصدر ترامب أمرًا خاصًا برفع الرسوم على السلع الكندية المرتبطة بالمواد المخدرة، من 25% إلى 35%، بدعوى “فشل كندا في التعاون لوقف تدفقات الفنتانيل نحو الولايات المتحدة”، بينما منح المكسيك مهلة تفاوضية لمدة 90 يومًا قبل تطبيق رسوم بـ30%، وقد أعرب في هذا السياق رئيس الوزراء الكندي مارك كارني عن “خيبة أمله” إزاء القرار، متعهدًا بـ”حماية الوظائف وتنويع الأسواق التصديرية”.

في نفس الوقت بدأت تخوض الهند مفاوضات تجارية مع واشنطن لتخفيف أثر الرسوم الجديدة التي بلغت 25% وقد تؤثر على صادرات تقدر بنحو 40 مليار دولار، وفق مصدر حكومي هندي، أما الصين، فهي أمام مهلة تنتهي في 12 غشت للتوصل إلى اتفاق دائم، وقال مسؤول أميركي إن المحادثات “تحرز تقدمًا”.

من جهتها، تمكنت دول الاتحاد الأوروبي من توقيع اتفاق شامل مع الولايات المتحدة يحدد الرسوم عند 15%، حيث اعتبر مفوض التجارة الأوروبي ماروش شيفشوفيتش أن الاتفاق “يعزز الثقة في الاقتصاد عبر الأطلسي ويدعم استقرار مناخ الأعمال”.

تمت الترجمة بتصرف عن وكالة رويترز.

 

Demander à ChatGPT

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *