السويح: عدم تصويت الجزائر لن يؤثر على قرار مجلس الأمن حول الصحراء

تترقب الساحة الدولية ما ستسفر عنه جلسة مجلس الأمن المقبلة بخصوص مشروع القرار المرتبط بملف الصحراء المغربية، في وقت برزت مؤشرات دبلوماسية توحي بتغيير في مواقف بعض الأطراف، وعلى رأسها الجزائر.

صحيفة الخبر الجزائرية، القريبة من مراكز القرار، أوضحت أن السلطات الجزائرية تتجه نحو تبني خيار الامتناع عن التصويت على النص المرتقب نهاية الشهر.

ويأتي هذا الموقف بعدما تبين أن المسودة الجديدة تتضمن إشارات صريحة إلى سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وتعتمد مبادرة الحكم الذاتي المقدمة سنة 2007 كمرجعية وحيدة وواقعية لتسوية النزاع.

المعطيات نفسها تشير إلى أن الجزائر تفضل هذا الخيار للحفاظ على توازن دبلوماسيها وتفادي الاصطدام مع الإجماع الدولي المتزايد حول الطرح المغربي، بدل الظهور كطرف معارض وحيد داخل مجلس الأمن.

ويرجح متابعون أن هذا الامتناع لن يغير في مسار اعتماد القرار، خاصة وأن المجلس يتجه بشكل واضح نحو تكريس مقاربة الحل السياسي الواقعي القائم على التوافق باعتباره السبيل الأكثر جدية للخروج من النزاع الإقليمي.

وفي هذا السياق، أكد المحلل السياسي وعضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، بلال السويح، أن قرارات مجلس الأمن حول الصحراء المغربية تتحكم فيها بدرجة أولى مواقف القوى الكبرى المالكة لحق النقض (الفيتو) والسياق الجيوسياسي الدولي.

وأوضح في حديث مع بلبريس، أن تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، الصادر قبيل التصويت، يساعد على فهم المعالم الكبرى لمسودة القرار الجديد، الذي يبدو أنه لن يخرج عن تكريس العملية السياسية، والدعوة إلى مفاوضات، واستثمار الالتزام الدولي المتنامي بمقترح الحكم الذاتي المغربي، مع تفادي التصعيد وضمان حرية حركة المينورسو شرق الجدار الأمني، والتزام البوليساريو بوقف خرق اتفاق وقف إطلاق النار.

وأشار السويح إلى أن الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة دونالد ترامب، التي تشرف على صياغة مسودة القرار قبل عرضه على أعضاء مجلس الأمن الدولي والتشاور بشأنه مع مجموعة أصدقاء الصحراء (الخمسة الدائمون وإسبانيا)، ستكون أكثر حسماً في تبني واقعية الحل المنشود عبر الإطار الوحيد للحكم الذاتي، بما ينسجم مع موقفها الرسمي الداعي إلى مفاوضات على أساس هذا المقترح دون تأخير.

وأضاف أن هذا التوجه مدعوم بمواقف فرنسا والمملكة المتحدة المعلنة، إلى جانب إشارات من الصين وروسيا بعدم معارضته، ما يعزز فرص بناء توافق واسع حول المقترح المغربي.

وبخصوص الجزائر، قال السويح إن انسحابها أو امتناعها عن التصويت، بصفتها عضواً غير دائم حالياً، لن يؤثر في تمرير القرار الجديد. كما أن رفض البوليساريو الدخول في مفاوضات على أساس مقترح الحكم الذاتي يفتح الباب أمام سيناريو مستبعد حالياً، يتمثل في الانتقال إلى الفصل السابع الذي يفرض التدخل بالقوة، لاعتبارين: أن المغرب يمارس سيادته على الإقليم، وأن القوى الوازنة تملك أوراقاً أخرى للضغط على الجزائر، سواء اقتصادياً أو عبر تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية.

وأكد أن تلويح الجزائر بالمقاطعة لا يعدو أن يكون ورقة لكسب الوقت وانتزاع تنازلات، لأن النظام الجزائري يدرك حساسية الظرف الدولي الحالي، والعزلة الإقليمية التي يعيشها، وفقدانه أوراق المواجهة أمام الإجماع الدولي المتزايد حول المبادرة المغربية للحكم الذاتي.

وختم السويح بالقول إن المفاوضات المقبلة قد تكون مقدمة لإعادة هندسة العلاقة المغربية الجزائرية بمنظور أمريكي جديد يقوم على الدمج الاقتصادي والتنمية العابرة للحدود والانخراط البراغماتي في تسويات سياسية واقعية.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *