المدير الجديد للعمران يرث إرثا ثقيلا من تركة الكانوني ..”ريع” – ”لوبيات”’- ”ضعف حكامة وتدبير ”بأكبر مؤسسة للعقار في المغرب

لا يخفى على احد الاختلالات التي عرفتها مؤسسة العمران في عهد مديرها السابق بدر الكانوني، تجاوزات في تسيير أكبر مجموعة عقارية وأكبر مؤسسة عمومية في المغرب من حيث حجم الإستثمارات.

و نسبت “اختلالات” المؤسسة التي أصبحت تلعب دورا محوريا في تنفيذ السياسة العمومية في السكن خصوصا في مجالات محاربة السكن غير اللائق و إنعاش السكن الإجتماعي وتطوير العرض العقاري القابل للتعمير وتطوير المدن الجديدة، بالاساس لرئيسها بدر الكانوني الذي كان محاطا بلوبي من الانتهازيين.

وكان الكانوني  يستفيد من أجر شهري يبلغ 200 ألف درهم، وقام حسب تقرير لبعض الاطر التي اشتغلت في العمران بتوظيفات همّت أصدقاء له وأفراد من عائلته بالإضافة إلى إصدراه عدد من التعيينات دون احترام للمؤهلات ولا الشهادات التي يتوفر عليها عدد من الأطر، وفرضه هيكلة إدارية “ضخمة” بالعمران تكرس ما رأى فيه معدو التقرير المركزية وتركيزا للسلط في يد المديريات المركزية

تقرير أسود للمجلس الاعلى للحسابات

أصدر المجلس الأعلى للحسابات في وقت سابق تقريرا وقف بالتفصيل على اختلالات مجموعة العمران، وكشف أن الشركة المملوكة للدولة متورطة في خرق القانون وفي تضييع حقوق المواطنين نتيجة ضعف التزامها، ومما جاء في هذا التقرير أن هذه المؤسسة ارتكبت اختلالات تتعلق بصفقات عمومية، من بينها تسويق مبانٍ عبارة عن “فيلات” بمدينة “تامسنا” سنة 2007 دون الالتزام بالميثاق التجاري المحدد لشروط التسويق والأداء وضوابط الشفافية.
ووفق التقرير فإن الشركة سوقت مشروعا مكونا من 106 وحدات سكنية بين الأطر العاملين لديها والأطر المنتمين لبعض الإدارات العمومية، دون أن تفتحه أمام عموم المواطنين كما ينص على ذلك القانون، حيث لم تنشر أي تفاصيل عنه عبر وسائل الإعلام لفتح الباب أمام الراغبين في الاستفادة من تلك الفيلات.
ومن الأمور التي كشف عنها التقرير أيضا، تورط “العمران” عبر شركتها الفرعية بالرباط، في اقتناء مواد دون المرور عبر مرحلة طلب العروض كما ينص القانون، وهو الأمر الذي بررته الشركة بـ”علاقاتها الجيدة” ببعض مزوديها، أو بـ”جودة الخدمات” التي يقدمها الممون المستفيد، أو حتى التعلل بـ”خصوصية الحدث” الذي فرض اللجوء لهذا الأسلوب.

عجز المؤسسة عن الالتزام بالمشاريع المسطرة

ولم يكن خافيا على قضاة المجلس الأعلى للحسابات، أن واحدة من بين أبرز “الخطايا” التي وقعت فيها مؤسسة “العمران” باستمرار، هي عجزها عن الالتزام بالمشاريع المسطرة في الوقت المناسب وبالكيفية المطلوبة، إذ حسب التقرير فإن معدل اكتمال الإنجاز في مشاريع السكن الاجتماعي إلى حدود سنة 2013 لم يتجاوز 54 في المائة، أما بالنسبة السكن المخصص لعمليات إعادة الإيواء فلم تتجاوز هذه النسبة 51 في المائة، وبخصوص البقع الأرضية لم تتجاوز نسبة الإنجاز 40 في المائة بالنسبة للأراضي المخصصة للسكن الوقائي و59 في المائة بالنسبة للأراضي المخصصة للتسويق.وأورد التقرير أن المجموعة سجلت تأخرا كبيرا في مدد الأشغال وآجال التسليم، إذ تصل المدة المحققة في مجموعة من المشاريع 5 أضعاف المدة الأصلية الملتزَم بها من طرف الشركة، الشيء الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى فرض غرامات وإلى مراجعات في الأثمان والتي وصلت تكلفتها خلال خلال 6 سنوات فقط إلى 13,5 ملايير درهم، انطلاقا من سنة 2007 تاريخ ميلاد الشركة.

تامنصورت والشرافات مدن “الفشل” و”المشاكل”

 

ومن المشاريع التي راكمت فيها مجموعة العمران الكثير من “الفشل”، تلك المتعلقة ببناء مدن جديدة على مشارف المدن الكبرى من أجل تخفيف الضغط السكاني على هذه الأخيرة، ومن بينها مدينة “تامنصورت” البعيدة بـ17 كيلومترا عن مراكش، والتي أعطى الملك محمد السادس انطلاقة أشغالها في أواخر سنة 2004، غير أن شقا منها تحول بعد ذلك إلى “قرية كبيرة”، فيما صار الشق الآخر “مدينة أشباح”.

وأُنشئت المدينة على مساحة 2000 هكتار منها 731 هكتارا مخصص للتوسع العمراني، وكان المفروض أن تتوفر على 197 هكتارا من المرافق العامة والخاصة و395 هكتارا من المجمعات التجارية والبنى الصناعية بالإضافة إلى 320 هكتارا من المساحات الخضراء، لكن واقع الحال الذي يدفع سكان المدينة للاحتجاج بشكل مستمر هو أن المدينة تنعدم فيها العديد من أوجه السكن الحضري، إذ لا تزال تعاني من انقطاع المياه وغياب الإنارة العمومية عن عدة أحياء، ومن ضعف الربط الطرقي بمدينة مراكش ومن غياب الكثير من المرافق الاجتماعية.

أما مدينة “الشرافات” القريبة من طنجة، التي كان من المفروض أن تحمل عن كاهل هذه الأخيرة بعض الضغط السكاني بعدما دشن الملك مشروعها في يناير من سنة 2009 بالقرب من جماعة “الجوامعة”، والتي كان من المخطط أن يتم إنشاء شطرها الأخير هذه السنة، فلا تزال بدورها غارقة في “المجهول”، نتيجة تأخر المشاريع والمشاكل الكثيرة مع سكان قرى المنطقة الذين وجدوا أنفسهم مهددين بفقدان أراضيهم ومنازلهم.

وتبلغ المساحة الإجمالية الأصلية للمدينة الواقعة على الطريق الوطنية 2 الرابطة بين طنجة وتطوان، 1300 هكتار وتطلبت غلافا استثماريا بقيمة 24 مليار درهم، وكان من المفروض أن تضم 150 ألف نسمة موزعة على 30 ألف نسمة، لكن المشروع تعثر كثيرا بسبب “ارتجالية” شركة “العمران” التي تورطت في صراع امتد لسنوات مع سكان المنطقة بعدما أدخلت سنة 2011 تعديلات على المشروع الأصلي ضمن مساحات جديدة.

 

الكانوني يعلمُ بخبر إعفائه عبر الإعلام وهو في مهمة خارج المغرب

علم بدر الكانوني، الرئيس السابق لمجلس الإدارة الجماعية لمجموعة التهيئة العمران، بخبر اعفائه من مهامه امس الجمعة، وتعيين حسني الغزاوي، خلفا له، (علم بذلك) من خلال الإعلام.

وعلمت بلبريس من مصادر مطلعة، أن الكانوني يتواجد حاليا بمدينة بروكسل البلجيكية في إطار نشاط تشرف عليه مجموعة العمران، بصفته المدير العام لشركة العمران، وبينما كان في جلسة مع سفير المملكة ببلجيكا محمد عامر اطلع على بلاغ الديوان الملكي الذي تداولته وسائل الإعلام ويتضمن خبر تعيين حسني الغزاوي في منصبه.

 

حسني الغزاوي مدير جديد لاكبر مؤسسة  عقارية على كتفيه ارث ثقيل 

 

بعدما عين الملك محمد السادس حسني الغزاوي في منصب رئيس مجلس الإدارة الجماعية لمجموعة التهيئة العمران، باقتراح من رئيس الحكومة، وبمبادرة من وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، سيجد امامه ارثا تقيلا وملفات حارقة.

ويرى متتبعوا الشان العام ان العزاوي رجل الدولة والمهندس العارف بخبايا قطاع العقار في المغرب لن يكون الى الرجل المناسب في المكان المناسب، حيث قد راكم عدة تجارب فهو مهندس دولة في الهندسة المدنية خريج المدرسة المحمدية للمهندسين.
والغزواي، حاصل على ماستر في إدارة الأعمال وماستر مدرب خبير، وله تجربة  في التدبير المقاولاتي والتهيئة الحضرية.

وسبق أن تقلد مناصب في المسؤولية داخل عدة مقاولات.

وسبق أن تولى الغزاوي، في الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب، منصب مدير للهندسة مكلفا باستراتيجية التنمية والهندسة المالية وهندسة الاستغلال وأنظمة الإعلام، ومدير للشؤون الإدارية والمالية، مكلف بالشؤون المالية والموارد البشرية والأسواق والشؤون القانونية والوسائل العامة.

وفي سنة 2017، شغل منصب المدير العام بالنيابة لوكالة مارتشيكا ميد أفريكا بأبيدجان (كوت ديفوار)، ثم الرئيس المدير العام لوكالة تهيئة سهل واد مرتيل، تطوان.

كما شغل منصب المدير العام المنتدب لأبي رقراق الثقافة، وأبي رقراق مارينا بوكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق.

وينتظر المدير الجديد لمجموعة العمران تصفية ملفات ثقيلة موروثة عن سلفه منها انخراط العمران في القضاء على السكن غير اللائق وإطلاق مشاريع مبتكرة في القطاع، تنسجم مع توجهات البرنامج الحكومي القائم على دعم ركائز الدولة الاجتماعية، فهل ينجح الرجل في القضاء على ارث بدر الكانوني.؟

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *