في سياق أخر غير الذي تعامل به رئيس دولة تونس قيس السعيد، نقدمت شخصيات بارزة في المحيط السياسي التونسي بعبارة من الأسف والتحصر، منتقدة تصرفه، عقب استقباله لإبراهيم غالي، زعيم جبهة البوليساريو، على هامش انعقاد منتدى التعاون الياباني الأفريقي “تيكاد”
وإلى جانب ذلك، فقد تفاعل تونسيون آخرون، عبر حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، موقف الرئاسة التونسية بكونه “خطأ ديبلوماسي شنيع، وأحمق، والذي ستدفع تونس وشعبها ثمنا غاليا، والجزائر لن تفيذنا بشئ ”.
في هذا الصدد، أعتبر الرئيس التونسي الأسبق، منصف المرزوقي، في تصريح إعلامي له، حول هذا الاستقبال بالقول “سيصدر لي موقف واضح في غضون يوم أو يومين بعد اكتمال المعطيات لأني في أمريكا حاليا”.
وقد سبق للمرزوقي أن في تصريحات إعلامية سابقة أن “سياسة الجزائر اتجاه النزاع حول الصحراء بين المغرب والبوليساريو، حققت أربع كوارث، أولها ما يتعلق بالكم الهائل من الموارد المالية التي بدل أن تذهب إلى تنمية الجزائر، يتم إنفاقها على التسلح، وتذهب لدعم البوليساريو، ولم يغنم منها الشعب الجزائري أي شيء”.
كما تقدممحمد الأسعد عبيد، الأمين العام للمنظمة التونسية للشغل، بإعتذار للمغاربة بعد الخطوة التي قال إنها “غير المفهومة” وأنها “غباء سياسي” مشيرا أن “القذافي ورؤساء الجزائر لم يفعلوها علنا، استقبال رسمي لجماعة لا يعترف بها أحد إلا القليل وفي زوايا مظلمة !؟” ومشددا على أن “الدولة المغربية هي من الأوائل الذين وقفوا مع تونس في محنة الكوفيد 19 وفي الأزمة السياحية”.
“الصحراء هو موضوع مغربي ولا يحق لنا أن نتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة” يؤكد الأمين العام للمنظمة التونسية للشغل، خلال منشور له على حسابه بـ”الفيسبوك” مخاطبا قيس سعيد بالقول “من كلفك لكي تعترف بجماعة منشقة على الدولة المغربية، بهذه الحماقة لقد خلقت أزمة دبلوماسية بين دولتين شقيقتين منذ زمن بعيد”.
وتابع المتحدث نفسه، “أيها الشعب المغربي الشقيق معذرة وألف معذرة وأنتم أفضالكم على شعبنا كبيرة جدا وأنا النقابي ابن النقابي لا يمكن أن أنسى خروج الشعب المغربي الشقيق عن بكرة أبيه في أكبر مظاهرة في تاريخ المغرب العربي الكبير يوم اغتالت أيادي الغدر المناضل النقابي الكبير فرحات حشاد سنة 1952، لقد خرج الشعب المغربي في مظاهرة غاضبة تنديدا بالاغتيال الغادر قبل خروج الشعب التونسي “، مضيفا، “شنوا هالغباء السياسي الذي يمارسه المنقلب؟”.
ووصف عبد الوهاب هاني، رئيس حزب المجد التونسي، وخبير دولي لدى الأمم المتحدة، استقبال زعيم البوليساريو بـ”الانحراف الخطير وحياد غير مسبوق عن ثوابت الدبلوماسية التونسية”، مضيفا، أنه “انتحار سياسي للرئيس قيس سعيد سيعرض المصالح العليا لتونس ومصداقيتها بين الدول لصعوبات كبيرة”.
فيما انتقد السياسي التونسي، عدم استقبال قيس سعيد لرؤساء دول أفارقة، الذين حضروا لندوة تيكاد اليابانية الدولية للتنمية في إفريقيا، بالقول “بل وأوفد الرئيس رئيسة الحكومة لاستقبالهم، دون تحية العلم ولا عزف للنشيد الوطني ولا استعراض لتشكيلات من الجيش والأمن” مشيرا أن رئيس تونس “قرر استقبال زعيم جبهة البوليزاريو شخصيا وبحفاوة كبيرة، في حين كان يمكن إيفاد أحد أعضاء الحكومة”.
“اخترنا هدنة إرادية بـ72 ساعة طيلة الندوة الدولية حرصا على وحدة تونس أمام العالم، لكن وزير خارجية التدابير والرئيس خرقاها بهاته الفعلة الخرقاء” أكد هاني.
من جانبه، اعتبر غازي الشواشي، الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي التونسي، أن “قيس سعيد يتجه نحو تدمير علاقتنا مع الدول الشقيقة والإضرار بمصالحنا الدبلوماسية والاقتصادية”.
وفي سياق متصل، وصف محمد كريشان، الإعلامي التونسي بقناة الجزيرة، ما قام به الرئيس التونسي، قيس سعيد، باستقبال زعيم الانفصاليين بشكل رسمي، بـ”سقطة تاريخية فادحة في تعامل الدولة التونسية مع قضية الصحراء” مشيرا “كان تقليدا راسخا لعقود حرص تونس على عدم التورط في هذه القضية بأي شكل من الأشكال.. إلى أن جاءت خطوة قيس سعيّد لتنسف كل ذلك.. تماما كما نسف كل مقومات الديمقراطية وكل هيبة لدولة تحترم نفسها. الله المستعان”.
وزاد كريشان، خلال تغريدات مُتفرقة، على حسابه الرسمي بـ”تويتر” أن “ما قام به الرئيس قيس سعيد مغامرة بلا أفق تهدد بدخول تونس إلى نفق مظلم ومرحلة من التيه. الله يحفظ تونس من كل سوء”.
وتجدر الإشارة، أنه في الوقت الذي قرر فيه المغرب، استدعاء سفيره بتونس للتشاور، وإعلان عدم المشاركة في القمة اليابانية المُقررة بتونس؛ أفادت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أن “القرار يأتي بعد أن تعددت المواقف والأفعال السلبية من تونس تجاه المملكة ومصالحها العليا” معتبرة أن الاستقبال الذي خصصه رئيس الدولة التونسية، لزعيم البوليساريو “يعد عملا خطيرا وغير مسبوق”، ويسيء بشكل عميق إلى مشاعر الشعب المغربي وقواه الحية.