أخنوش ووزراء حكومته بحاجة لثورة في التواصل المؤسساتي والسياسي مع الشعب

تمر حكومة أخنوش ووزرائها بمرحلة دقيقة ليس لأنهم لا يشتغلون، بل لأنهم لا يعرفون كيف يسوقون ما ينتجون، ولا يعرفون كيف يتواصلون، وما يزيد من متاعبهم عدم وعي بعص الوزراء بأهمية التواصل المؤسساتي في حياة الحكومات ، لأن بعضهم لم يكن يتوقع بأن يصبح وزيرا، ولا يتوفرون على مسارات مهنية وتجارب وتراكمات في التدبير والتواصل . الأمر الذي جعلهم يواجهون صعوبات في الإندماج  في مغرب المعرفة والإعلام ، والطامة الكبرى أنهم محاطين بمستشارين إعلاميين يقدسون الوزير أكثر من الوزارة ، همهم الأول تلميع صورة الوزير أكثر من تلميع صورة المؤسسة، شغلهم الشاغل إرضاء الوزير وليس إرضاء الناس، وصولهم لأن يكونوا مستشارين في دواوين الوزراء تحكمت فيه الروابط الحزبية والعائلية ، وليس الكفاءة والمهنية.
فجل وزراء الحكومة لم يفهموا بعد أن علاقة السياسة بالتواصل هي علاقة جدلية ، فلا سياسة بلا تواصل  ولا تواصل بدون سياسة ، لكون فضاء السياسة هو فضاء التواصل، لكن ليس كل كلام أو لغو في السياسة هو تواصل سياسي ،لأن التواصل السياسي في الأصل هو فرع منبثق عن علم السياسة، وهو حقل معرفي له آلياته ونظرياته وميكانزماته .
وعلى هذا الأساس ، فليس أي وزير يمكنه إمتلاك ملكة التواصل السياسي ، وإقناع الناس بما يقول ، إنها ليس لغوا، أو كلاما أو ثرثرة لغوية.
لذى، أقول إن العمل الحكومي كسياسات عمومية لا ينحصر على الإنجازات الميدانية والعملية رغم أهميتها،  بل هي- أيضا- تواصل وتسويق ومشاركة الشعب هذه الإنجازات، خصوصاً في زمن الأزمات حيث تعتمد الحكومة وتستثمر في تواصل الأزمات ، لكون زمن الأزمات هو زمن استثنائي يفرض تواصلا استثنائيا.
وحسب علماء التواصل السياسي والمؤسساتي فحاجة المواطن للمعلومة يتزايد أكثر في زمن الأزمات، كما هو حال المغرب اليوم ..أزمات متعددة تحاصر المواطن :منها أزمة الجفاف أزمة الوباء وأزمة الغلاء، مقابل صمت الحكومة ، ،وان حاولت التواصل مع المواطن في هذه الازمات ، فانها تعتمد تواصل الاشاعات والتضليل والتحايل .
حكومة اخنوش تشتغل في ظروف صعبة، وهي صامدة وتعمل اكثر ما في جهدها ،لكن مصيبتها الكبرى هي انها لا تتواصل مع الشعب بكيفية شفافة وسريعة ومهنية واضحة خصوصا حول قضايا جد حساسة عند المواطن ألا وهي الغلاء والوباء والجفاف.
وما يؤخذ عن حكومة اخنوش أنها كسولة في التواصل، ولا تقوم بأدنى مجهود في هذا الباب، باستثناء مجهودات الوزير الشاب بيتاس الناطق الرسمي باسم الحكومة ، لكنه وحده غير كاف، إن كانت عليه عدة مؤاخذات في هذا الباب، رغم أن حكومة اخنوش قد سوقت نفسها كونها حكومة الكفاءات وحكومة التواصل.
صحيح، رئيس الحكومة محاط بجيش في التواصل، وله باستراتيجية تواصلية لكنها من نوع خاص قد تصلح لعالم المال والاعمال والاقتصاد، ولكنها لا تصلح للتسويق السياسي، أو التواصل السياسي، لأن تواصل المقاولة ليس هو تواصل السياسة.
حكومة اخنوش بحاجة لثورة تواصلية، ونفس تواصلي مؤسساتي يقوم به وزراء الحكومة وليس مؤسسات اعلامية ومدونين أو مؤثرين أو نخب تنوب عن الحكومة بالوكالة، لأن عزيز اخنوش هو ضحية مستشاريه الذين همهم الأول مال اخنوش وليس اخنوش ذاته، وهو ما يفسر صمت هولاء حينما توجه مدافع الهجوم على اخنوش ، مما يجعله كاليتيم يواجه حملات مسعورة وحيدا.
بعد مرور سنة تقريبا على تعيين حكومة اخنوش، نريد ان نهمس في اذنه أنه كرئيس حكومة بحاجة للتواصل اكثر مع الشعب في هذه المرحلة الصعبة الحالية، لكن عليه أن يفرض - ايضا- على وزراء حكومته خصوصا المنتمين لحزب الاصالة والمعاصرة أن يبتعدوا عن ازدواجية الخطاب وأن لا يمارسوا المعارضة من داخل الأغلبية، لأن أصعب ما يؤزم أكثر علاقات الحكومات مع مواطنينها هو اللاتواصل، والالتجاء للصمت حتى تمر عاصفة الأزمات، لأن الرهان على هذا الخيار هو ما ينتج فراغا تواصليا مع الشعب تستغله بعض القوى المعادية للوطن أو لاخنوش كشخص أو للحكومة لخلق البلبلة والتشويش ومحاولة إشعال الفتنة وترويج الاشاعات والبروبغاندا وهو ما قد يمثل خطرا على الأمن والسلم الاجتماعيين اللذان يتميز بهما المغرب .
وامام استمرار ازمات الجفاف والغلاء والوباء يحتاج المواطن لرعاية واهتمام مستمرين من طرف الحكومة، وعلى حكومة اخنوش ان تكون في عز استمرار هذه الازمات أكثر حذرا، لكون الأزمات تعتبر محطات ومراحل خطيرة على الحياة السياسية في الدول ذات الهشاشة الاجتماعية.


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.