لم يكن من المتوقع أن يثير حديث البرلماني عن حزب الأحرار ورئيس لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب محمد شوكي، جدلا في آخر لقاء إعلامي له على القناة الثانية في برنامج "مع الرمضاني"، والذي استهتر فيه بموجة ارتفاع الأسعار التي يشهدها السوق المغربي.
وأثناء حديثه في هذا اللقاء قال البرلماني عن حزب الأحرار محمد شوكي أن السوق المغربي يعرف تذبذبا في الأسعار بسبب الظرفية العالمية، مضيفا أن : " الحكومة لم تعلن عن أي زيادة في الأسعار و المغرب لم يعرف الجوع" .
وقال رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك بوعزة الخراطي، في تصريح لـ" بلبريس"، بأن ما صرح به البرلماني شوكي صحيح بخصوص استقرار الأسعار في المستوى العالي، بحيث لا يمكن أن تزيد عن ما هي عليه الآن.
وأضاف الخراطي، أن هذا الأمر هو تحصيل حاصل، خاصة وأن هناك فعلا ارتفاع لبعض المواد على المستوى العالمي، ونحن لا نستنكر ذلك، وهذا واضح بالنسبة إلينا، كما أن المغاربة يقبلونه ويتحملون الصعوبات التي لدى الحكومة في اتخاد القرارات حين تكون خارج طاقتها.
غير أن بوعزة الخراطي، في معرض حديثه لـ"بلبريس"، تساءل عن سبب الزيادة المتضاعفة في المغرب، و التي لم تتجاوز السلع على الصعيد العالمي درهم أو درهمين، بينما في المغرب وصلت إلى عشرة دراهم أو عشرين درهما، وهذا الأمر غامص ويثير الشكوك، خاصة وأن هناك موادا يتم إنتاجها في المغرب عرفت ارتفاعا في السعر .
ووجه رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك، أثناء حديثه بـ" بلبريس"، أصابع الاتهام لبعض السماسرة وبعض تجار الازمات الذين اغتنموا الفرصة وقاموا برفع الأسعار على المستهلك المغربي، وهو الذي وضعنا موضع التساؤل عن الفرق بين تسعيرات المرتفعة في المغرب والتسعيرات مرتفعة في العالم.
وأشار المتحدث، إلى أن الزيادة طالت المواد الغذائية والخدمات الصناعية على الصعيد الوطني، فتسعيرة الحليب عرفت زيادة بدرهم مؤخرا، إلى جانب مواد أخرى أيضا.
ويقترح الخراطي، على رئيس لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، أن يقوم بجولة في بعض الأسواق المتواجدة بالرباط ويراقب الأسعار، مشيرا إلا أن هناك بعض الأسعار التي تنخفض أو تستقر، غير أن مثلا المحروقات حين وصلت تسعيرة البرميل 21 دولارا في العالم، ففي المغرب لم تعرف أي تغير على هذا المستوى.
وأكد بوعزة، أن السبب يعود إلى كون وجود خلل في التحكم وفي تدبير المواد الاستهلاكية داخل المغرب، إلى جانب عدم وجود هيئة تهتم بالاستهلاك الداخلي، في المقابل هناك هيئات ومديريات تهتم بالسوق الخارجي، وبرنامج المغرب الأخضر الذي قام بتقديم جميع الوسائل لتلبيات طلبات المستهلك الخارجي فيما يخص الفواكه.
وأضاف قائلا: " للأسف المستهلك داخلي لا يعرف أي اهتمام، خاصة وأنه بعدما كنا نصدر القمح أصبحنا نستورده، وبالنسبة 50 في المائة، السكر بعدما كنا نستورده أصبح لدينا فيه اكتفاء ذاتي يصل 72 في المائة، و"أتاي" والقهوة 100 في المائة، المواد الأولية كالزيت نستورد 98 في المائة، وهذا يفسر غياب الحس "المواطنتي" في المخطط المغرب الأخضر .
وانتقد الخراطي، ما قاله محمد الشوكي في برنامج " مع رمضاني"، حيث قال : " استسمح منكم لأخبر السيد البرلماني أنه على خطأ، ودليل على ذلك هو التظاهرات السلمية التي خرج فيها المغاربة يحتجون في الأيام الأخيرة، والتي تؤكد على القدرة الشرائية أصبحت في تدهور لا يطاق".
ووصف الخراطي كلام البرلماني المذكور بـ" الخطاب السياساوي"، وذكره بمرحلة "بوهيوف" المعروفة في تاريخ المغرب، وطلب منه ألا يكذب، خاصة وأن المغاربة يستحضرون جيدا هذه المرحلة في تاريخهم، مضيفا أن المغرب عرف مرحلة من الجفاف، و"الحمدلله "، أنه تمكن من تجاوز مثل هذه الأزمات بحسن تدبير في السنوات الثمانيات والتسعينات.
وأكد الرئيس المذكور، أن الاكتفاء الذاتي في المواد الغذائية اليوم يعود بالأساس إلى السياسات الناجحة في بناء السدود التي قادها الملك الراحل الحسن الثاني، وهذا يؤكد أيضا على أن السنة الماضية كانت سنة جيدة.
وأوضح المتحدث، بأن أثر الجفاف لا تظهر معالم في السنة التي نعيش فيها بل يكون له تأثير في السنوات الموالية، حيث ما أنتجناه في سنة 2021 هو ما سنستهلكه في سنة 2022، وما ننتجه في 2022 سنستهلكه في 2023 ، والمؤشرات كلها تقول أن هذه السنة هي سنة الجفاف، وهو ما سيؤثر حتما على المستهلك و الفلاح والكساب، لكن المبادرة الملكية، للملك محمد السادس، جاءت في وقتها لتخفض العبء على العالم القروي.
هذه العناية الملكية التي أعطى فيها الملك تعليماته، لرئيس الحكومة وللوزير الفلاحة، بأن يتم تخصيص 10 ملايير درهم للقطاع الفلاحي، فقد لحظ أن الشحنة والضغط الذي كان قد انخفض، لأن المغاربة يثقون في الملك الذي بطبع هو من يستمع إليهم، فيما الحكومة دائما صامتة في كل ما يخص موجة ارتفاع الأسعار حسب ما قاله المتحدث.
وكشف بوعزة الخراطي، في تصريحه على أن هذا الصمت له أسبابه، ومن هذه الأسباب الربح الذي تستفيد منه الحكومة في الضرائب عند ارتفاع الأسعار، مثلا في المحروقات تستفيد بالنسبة 45 في المائة، حيث كلما ارتفعت المحروقات، إلا وكان هناك أموال طائلة تدخل صندوق الدولة، وبالتالي " لايمكن أن نقتل الدجاجة التي تعطينا بيضا من ذهب".
وخاطب المتحدث، البرلماني عن حزب الأحرار " أنت ماعايش في المغرب"، وآخر الزيادة قد طالت بعض المواد كالحليب كما ذكرت، والسميد بالنسبة 100 في المائة بعد أن كانت ب 5 دراهم أصبحت بـ10 دراهم، ناهيك عن مواد أخرى كالزجاج نوافذ الذي كان بـ45 لمتر المربع، واليوم أصبح بـ200درهم لمتر المربع، وحتى لا يستنكر الارتفاع في الأثمنة، كان عليه أن يقدم مبررات مقبولة راجعة لظروف خارجية، وبأن الحكومة تتخذ جميع التدابير اللازمة حتى لا يكون هناك أي تأثير على القدرة الشرائية للمواطن.