أثارت خرجة زعماء الأغلبية الحكومية أمس الثلاثاء، برئاسة عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، وبحضور كل من عبد اللطيف وهبي، أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة، ونزار بركة، أمين عام حزب الاستقلال، ورؤساء فرق الأغلبية بمجلسي البرلمان، الكثير من ردود الفعل, بحكم أن توقيتها دقيق اجتماعيا واقتصاديا نتيجة لتداعيات فيروس كورونا وظاهرة جفاف لم يشهده المغرب منذ عقود خلت، وكذا الارتفاع المهول للأسعار والطاقة .
وكان من الطبيعي أن يرد الشعب عن هذا الوضع الاجتماعي والاقتصادي المأزوم بموجة من الاحتجاجات، وأن تستغل بعض القوى هذا الوضع لتصفية حسابات سياسوية مع الحكومة.
وهو ما جسده المحتجون في جل المدن المغربية يوم خروجهم الأحد الماضي.
وعقب اجتماع زعماء أحزاب المعارضة، وعرض خططهم لمواجهة هذا الوضع الاجتماعي والإقتصادي الصعب ، خضعت خرجتهم هاته لقراءات متعددة ولتعليقات متخلفة، نحاول في هذا المقال عرض بعضها:
د.حنين يضع النقط على الحروف إزاء الحملة المخدومة ضد رئيس الحكومة
قال د.محمد حنين في هذا الصدد ، صحيح الوضع الاجتماعي والاقتصادي صعب. لكن هناك إرادة حكومية قوية لتجاوزه، مميزا في ذلك بين نقد السياسات العمومية التي تنهجها الحكومة، وبين استهداف شخص رئيس الحكومة قائلا: " إن الأصوات التي استهدفت رئيس الحكومة بالاسم، أصحابها معروفون لطالما روجوا لنفس أساليب الدعاية والتشهير بالرجل منذ أن تقلد مهمة رئاسة حزب التجمع الوطني للأحرار، وأعلن عن نيته في تقوية هذا الحزب وجعله قوة سياسية تتنافس على المراتب الأولى في الانتخابات".
وتابع حنين في حوار أجراه مع "بلبريس"، أنه "بالفعل تعددت المنابر والمواقع التي تخصصت في الإساءة إليه بأشكال مختلفة، وصلت إلى حد تنظيم حملة مدبرة لما سمي "بالمقاطعة "،وكون الرجل يؤمن بالجدية في العمل فإن كل تلك المحاولات المغرضة والضربات تحت الحزام لم تجعله يتراجع عن مشروعه بل استمر بكل ثقة وعزم في الاشتغال الدؤوب والمستمر إلى أن حقق الحزب بقيادته المرتبة الأولى في الانتخابات الأخيرة بمختلف أنواعها".
واعتبر حنين أن هاته "النتيجة أزعجت بدون شك خصوم العمل الجدي وأعداء النجاح، وأصبحوا ينتظرون أي مناسبة لاسترجاع أنفاسهم الحاقدة وتوجيه أسهمهم من جديد ضد شخص عزيز أخنوش، لا لشيء سوى أنه رجل أعمال ناجح وسياسي محنك ورجل جدي وصادق في وعوده ومخلص لملكه ولوطنه، وأن الحكومة التي يترأسها تستمد شرعيتها من سند شعبي واسع نابع من انتخابات حرة وشفافة لم يمر عليها سوى 5 أشهر وهي الانتخابات التي شهد العالم كله بنزاهتها ومصداقيتها".
واختتم حنين تصريحه بأن الحكومة واعية بصعوبة الوضع الاجتماعي والاقتصادي. لكنها تتوفر على إرادة قوية في مواجهة هذا الوضع كما صرح به زعماء احزاب الاغلبية الحكومية
عبد الله بوانو: الحكومة صماء بكماء لا أمل فيها
قال عبد الله بوانو رئيس المجموعة النيابية لحزب “العدالة والتنمية”، إن الحكومة صماء بكماء لا أمل فيها، حيث أخفقت في التدبير وفي التواصل مع المواطنين أو في القيام بما يلزم للتخفيف عنهم.
وأشار بوانو، أن مجموعة “البيجيدي” النيابية سبق وأن حذرت من مغبة ارتفاع الأسعار وما سيخلفه من توتر منذ مدة، وتحديدا أثناء تقديم التصريح الحكومي، إذ نبهت إلى أن هذه الوعود الكبيرة التي تم إطلاقها وبيع الوهم سيخلق نوعا من التوتر الاجتماعي في حالة عدم تحقيقها علما أننا نعلم أنها لن تتحقق.
وأضاف ” كررنا تنبيهنا حين مناقشة قانون المالية، وبينّا أن الإجراءات الحكومية المعلن عنها لا تفي بالغرض وليست في مستوى التطلعات”.
وأبرز بوانو أن هناك أربعة محددات خطيرة، أولها أننا ما زلنا نعيش تحت تأثير أزمة كوفيد19 على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وثانيها أننا أمام وضع فلاحي صعب، وثالثها أننا أمام ارتفاع كبير في أسعار المواد الأولية على المستوى الدولي، وأما رابع المحددات، فهو المحدد السياسي، حيث يغيب التواصل والحوار مع المواطنين.
وتابع ” اليوم هناك توتر وأخشى أن يتحول إلى انفجار اجتماعي، ولذلك يجب على المستوى السياسي أن تلعب مؤسسات الوساطة دورها، من قبيل النقابات والجماعات الترابية والبرلمان إلخ... عوض أن تبخسها الحكومة أو تستهدفها”.
وأكد بوانو على أن الحكومة مطالبة بالتواصل مع الشعب، وأن تقول له الحقيقة، وأن تبادر إلى القيام بالإجراءات اللازمة لمواجهة التهاب الأسعار، مبرزا أن ارتفاع المواد الأولية في السوق الدولية ليست بمبرر لهذا الغلاء الذي نشهده اليوم، وأن الحكومة إن كانت غير قادرة على تدبير احتياجات المواطنين عليها أن ترحل، على حد تعبيره.
د.بنخطاب: خرجة زعماء الأغلبية محدودة وغير مُمَأْسَسَةٍ
قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس، عبد الحميد بنخطاب، إن "التواصل المؤسساتي جد مهم في هذه الظرفية الصعبة التي يمر منها المغرب"، مردفا "لكن التواصل المؤسساتي والحكومي، يجب أن يكون ممؤسسا ودائما وغير مرتبط بظرفية معينة".
بنخطاب، في حديث مع "بلبريس"، اعتبر أن "هاته الندوة التي نظمتها أحزاب الأغلبية الحكومية، محدودة، وغير ممؤسسة، وغير خاضعة لمعايير التواصل الاعلامي"، على حد تعبير ذات المتحدث.
وأشار بنخطاب، غلى أن ندوة زعماء الأغلبية "سادها الارتباك، وعدم تمكن المخاطبين من آليات وتقنيات التواصل"، مشددا على أنه "لا يمكن القبول بأن يتكئ وزير على الحائط في ندوة لشرح وضعية جد صعبة تمر منها البلاد، فهذا الأمر غير معمول به في التواصل السياسي".
وأضاف المتحدث ذاته، أنه "على الحكومة أن تستعين بخبراء في التواصل، لتحسين وتجويد تواصلها السياسي، خصوصا في مثل الحالة التي نعيشها اليوم، فالخطاب والهندام واللغة المستعملة، كلها أدوات يجب الانتباه لها جيدا من إيصال الخطاب للمواطن"، مبرزا أن "اللغة التي تم استعمالها يوم أمس لم تكن في محلها، في خطاب زعماء الأغلبية، كان أقرب إلى لغة الحميمية، والحال أن الأمور دقيقة ويجب أن تصل بشكل مباشر للمواطن لكي يعي بصعوبة الظرفية"
واعتبر بنخطاب، أن "القليل من المواطنين اليوم، ومن هم واعون بأن ما يقع حاليا يتجاوز قدرة الحكومة، ويتعداها بكثير، لأنه مرتبط بالجفاف، والسوق العالمية، لكن كيفية إيصال هاته الفكرة، هي الهفوة التي سقط فيها زعماء الأغلبية".
وعن مساهمة الحكومة في الرفع من منسوب الاحتقان الاجتماعي بسبب تهاونها في التواصل، قال بنخطاب "لا أعتقد أن الشارع دخل في صراع مباشر مع الحكومة، ولا أعتقد كذلك أن المواطن العادي يعي جيدا كل ما يقع من حوله، فالإشكالات تتجاوز الحكومة، وتتجاوز القدرات المالية التي تملكها الدولة بصفة عامة".
وتابع بنخطاب أن "من الصعب في الظرفية الراهنة تحميل المسؤولية للحكومة بخصوص ارتفاع الأسعار، لكن في المقابل الحكومة يجب أن تتصدى لهذا الوضع وتعالجه، ضمن شروط معقولة".
د.بلقاضي:تصريحات أخنوش وبركة وهبي عقد اجتماعي جديد مع المواطن من أجل شرعية جديدة
أكدت تصريحات رؤساء أحزاب الأغلبية الحكومية عزم هؤلاء القادة مواجهة التحديات الاجتماعية المستجدة بسبب ارتفاع أسعار المحروقات دوليا ونقص التساقطات
بكل مسؤولية وحزم، عبر وضع برنامج استثنائي يصل إجمالي مبلغه الى 10 مليار درهم، موجه للعالم القروي نتيجة الصعوبات التي يعيشها جراء تأخر التساقطات المطرية.
وجددت الأغلبية الحكومية التأكيد على مواصلة تفاعلها مع كل القضايا التي تهم المواطنين بهدف بناء دولة اجتماعية أساسها كرامة المواطن أولا وأخيرا بهدف إرساء وتقوية مفهوم الدولة الاجتماعية.
أكد اخنوش أنه سيلتزم بحماية كرامة المواطن في حين التزم نزار بركة بكون الحكومة لن تتخلى عن المواطن ، أما وهبي فقد ركز في أن الحكومة تشعر بما يشعر به الشعب . فتصريحات رؤساء أحزاب الأغلبية حول حماية المواطن في هذه الظروف الصعبة هي بمثابة عقد اجتماعي جديد لشرعية متجددة بمفهوم جا جاك روسو jean jaques rousseau
د. الشرقاوي: الحكومة ورثت إرثا ثقيلا و تفكيك القنابل ليس كالتفخيخ
وقال عمر الشرقاوي الاستاذ الجامعي والمحلل السياسي:"من الجيد محاسبة أداء الحكومة وإحراجها في القرارات السيئة، لكن من الجيد التنويه بالقرارات التي تكون في صالح بعض فئات الشعب"
وأضاف المتحدث نفسه:"نهار كان بنكيران يفخخ الدولة بقنابل اجتماعية قابلة للانفجار في كل لحظة وحين، كانت تسونامي الشعبوية والاتجار بالشرعية الانتخابية يجرف كل من يقف أمامه ليقول لا لإصلاح التقاعد على حساب جيب الموظف، لا لإعتماد التعاقد على حساب التوظيف، لا لتحرير أسعار المحروقات على حساب جيب المواطن، لا للتحرير الرأسمالي للأسعار وترك المواطن أمام جشع العرض والطلب. اليوم بدأت تتفجر تصاعديا تلك القنابل التي تم تسويقها كأنها إصلاحات هيكلية ستخرج الدولة والمجتمع من النفق، وظهر أنها لم تصلح الأحوال المالية للدولة، ولم تحسن من الخدمات الاجتماعية، بل حققت هدفا واحدا هو إغراق المواطن في سوق لا ترحم. غادي تقولوا لي اوا اليوم يمكن الحكومة ترد الأمور إلى نصابها غادي نقول ليكم عندكم الصح لكن للأسف تفكيك القنابل ليس كالتفخيخ."
د. لزرق:واجتماع التحالف الحكومي يدخل في إطار تحمل المسؤولية السياسية
و يرى رشيد لزرق، الأستاذ في العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة في تصريح لبلبريس:"إن اجتماع التحالف الحكومي يدخل في إطار تحمل المسؤلية السياسية كالتزام من طرف الاغلبية الحكومية بإطلاق المشاريع التي وعدت بها المواطنين والإجراءات المتخذة وتحمل النتائج المترتبة على هذه الأفعال والأقوال".
وأضاف لزرق أن:"هذا ما يشكل الدعامة الرئيسية للعمل السياسي الذي بدونه لا وجود لهذه المسؤولية، وهذه العناصر هي: الهدف السياسي والوسائل المستخدمة لتحقيقه والنتائج الملموسة."
وتابع المتحدث نفسه:"وعلى ذلك فإما أن تتخذ الحكومة القرارات السلمية وتسن القوانين العادلة وتبني دفاع بلدنا لحماية المغاربة وتعمل على حل النزاعات الداخلية وخلق الوئام والاستقرار، وإما أن تتخذ تدابير مخالفة تقف حائلاً دون تحقيق الأهداف، وفي كلتا الحالتين تكون مسؤولة عن قراراتها التي تنعكس سلباً أو إيجاباً على حاضر المواطنين ومستقبلهم ، ومسؤولة أيضاً عن الأعمال الشنيعة التي تتغاضى عنها أو تأمر بها".
تصريحات الأغلبية الحكومية :إرث حكومي ثقيل وعزم على مواصلة التفاعل مع كل القضايا التي تهم المواطنين.
وشددت الأغلبية الحكومية، على ضرورة “التفعيل السريع لمضمون البرنامج الاستعجالي الذي سنته الحكومة لمواجهة الصعوبات التي يعانيها المواطنون بالمناطق القروية، للتخفيف من آثار تأخر التساقطات المطرية على النشاط الفلاحي وتقديم المساعدة للفلاحين ومربي الماشية المعنيين”.
معلنة عن اعتزامها اتخاذ جميع التدابير والإجراءات والقرارات الاستعجالية لضمان التنزيل السليم لبرنامج إنقاذ الموسم الفلاحي، وضمان استفادة واسعة للفئات الهشة المحتاجة أكثر لهذا الدعم”.
وبخصوص موضوع غلاء الأسعار، أعلنت هيئة رئاسة الأغلبية، أن “الحكومة ستستمر في دعم المواد الأساسية كالسكر وغاز البوتان ودقيق القمح اللين والماء والكهرباء، كما أعلنت أيضا استقرار أسعار المنتجات الفلاحية، وعزمها مواكبة الصعوبات التي تعتري مهنيي النقل والعمل على تحقيق نوع من التوازن على هامش تداعيات ارتفاع أسعار المحروقات دوليا”.
وفيما يتعلق بورش الحماية الاجتماعية، أكدت هيئة رئاسة الأغلبية الحكومية، أنها “منكبة على دراسة الصعوبات الاجتماعية المستجدة نتيجة انعكاسات غلاء الأسعار في السوق الدولية، والنقص الكبير في الأمطار”.
وجددت الأغلبية الحكومية، التأكيد على مواصلة تفاعلها مع كل القضايا التي تهم المواطنين، وقالت إنها “على يقين تام بأن بلادنا بكرم من الله سبحانه وتعالى، وقوة أسس وأركان مملكتنا العريقة، وتمتع شعبها تاريخيا بحس عال من الإيمان والتضامن والتآزر خلال اللحظات والامتحانات العسيرة، قادرة على مواجهة جميع التحديات، وتجاوز إكراهات الظرفية الدولية والإقليمية وتداعياتها على الصعيد الوطني”.