قبل أيام من الانتخابات..جدل “زواج المال والسلطة” يتجدد

بالتزامن مع استعداد المغرب لإجراء انتخابات تشريعية وجماعية في 8 شتنبر المقبل، يتجدد النقاش حول “زواج المال والسلطة”، لترتفع الأصوات المنادية بالفصل بينهما.

ورأى محللون أن النقاش المثار حول مسألة جمع المال والسلطة، قد يتمخض عنه إحداث تحولات ربما تمهد لاعتماد إجراءات نحو فك الارتباط بينهما.

وعشية انطلاق الحملة الانتخابية، دعا الأمين العام لحزب العدالة والتنمية  سعد الدين العثماني، إلى انتخابات مشرفة للبلاد، منتقدا “المال الانتخابي”.

وقال العثماني، رئيس الحكومة، في 25 غشت الجاري خلال برنامج متلفز، إن حزبه يريد انتخابات “تشرف المغرب، وليس إنزال المال الذي نراه الآن”.

 خطر حقيقي

وفي هذا الصدد، يرى المحلل السياسي المغربي بلال التليدي، أن “التجارب التي مر بها العالم العربي، منذ الحراك (ثورات الربيع العربي) إلى اليوم، تبين أن هناك خطرأ حقيقيا من وراء الجمع بين الثروة والسلطة”.

ويقول التليدي: “السلطة هي المدخل الرئيسي إلى الثروة، وإذا استثمرت النخب السلطوية الصلاحيات التي أعطاها لها القانون، ومارست التعسف في استغلال القانون لتوسيع الثروة، فإن ذلك سيضيق من مجال توزيع الثروة”.

ويتابع: “سنكون أمام معادلة جديدة، وهي بدل أن تكون السلطة هي الإطار الحكم الذي يتدخل من أجل إحداث التوازن الاجتماعي حينما تتغول النخب المالكة ضد النخب التي لا تملك” فإن السلطة ستكون هي المتغول.

ويوضح: “المعادلة ستتغير، وسيصير الذي يملك السلطة هو المتغول (المهيمن) ماليا وسلطويا، وحينئذ سيفتقد المجتمع لوسيط موثوق به يمكن أن يتدخل من أجل إحداث التوازن الاجتماعي”.

ويضيف التليدي، أن “تغير المعادلة سيؤدي إلى احتقان خطير جدا، ستصير بمقتضاه كل أنظمة الوساطة الاجتماعية عاجزة عن تدبيره، لأنها دخلت في علاقات مع السلطة”.

ويخلص المحلل السياسي المغربي، إلى أنه “يمكن أن نتوقع نشوء نخب ثائرة لا تنضبط لأي رادع دستوري ولا قانوني”.

ويزيد: “هذا هو الخطر الحقيقي الذي يتهدد العالم العربي، بدأت مؤشراته مع الحراك، ويمكن أن يعود بشكل أسوأ في المستقبل”.

 إمكانية الفصل

ووفق الخبير السياسي محمد شقير، فإنه “من الصعب جدا، الحديث عن اتجاه نحو فصل السلطة عن المال في المغرب، في ظل ممارسة سياسية مرتبطة في شق كبير منها بجانب المال”.

ويقول شقير: “عدد من قيادات الأحزاب السياسية والوزراء يجمعون بين الثروة والسلطة، ولهم ثروات وإمكانيات مالية كبيرة، يعملون أساسا على ضمان تنمية ثرواتهم من خلال المشاركة السياسية”.

ويضيف: “في النظام السياسي المغربي، المسألة قائمة، ومن الصعب جدا العمل على الحد منها”.

ويردف: “ليست هناك قوانين في المغرب تحد من زواج المال بالسلطة، وبالتالي مع الصعب القول بإمكانية الفصل، أو حتى ضبط المزاوجة بينهما”.

وكان شعار الفصل بين السلطة والمال برز في إطار التحول الذي حدث بعد حركة 20 فبراير/  2011، إلا أنه ظل يتجدد النقاش حوله بين الفينة والأخرى.

 الصراع مع “الباطرونا”

وفي فبراير الماضي، عاد النقاش بقوة حول زواج المال والسلطة، عقب إقرار الاتحاد العام لمقاولات المغرب (تجمع أرباب الشركات المعروف اختصارا بالباطرونا)، تعديلا على قانونه الأساسي.
التعديل المذكور “منع الجمع بين تولي مسؤولية قيادية في الاتحاد المهني، والتواجد في هيئة تقريرية وتنفيذية لحزب ما”.

وقالت تقارير إعلامية، إن ما أقدم عليه “الباطرونا” سياسي بالأساس، وموجه ضد حزب معين‪.

وآنذاك، حذر حزب الاستقلال المعارض، من “مغبة الزج بالاتحاد العام لمقاولات المغرب، لخوض حروب سياسية بالوكالة لفائدة حزب معين”، في إشارة إلى حزب التجمع الوطني للأحرار (مشارك في الائتلاف الحكومي ويقوده رجل الأعمال وزير الفلاحة عزيز أخنوش).
وانتقد حزب الاستقلال، ما وصفه بـ”تفصيل قوانين (الباطرونا) لخدمة أغراض سياسية ذات العلاقة بالانتخابات”.

ونبه إلى “خطورة تحالف المال والسياسة في البرلمان، لتمرير تعديلات على القوانين، لخدمة المصالح الخاصة لبعض الشركات بعينها”.

وزاد: “تحالف المال والسياسة، يتنافى مع مبادئ الدستور، الذي ينص على المساواة والمنافسة الحرة والشريفة”.

وطفا على السطح، صراع بين حزب الاستقلال و”الباطرونا”، إثر التصديق على مشروع قانون تنظيمي يتعلق بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان)، يهدف إلى محاربة الترحال السياسي والحفاظ على استقلالية فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب البرلماني.


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.