اعتبر المركز الإفريقي للدراسات الإستراتيجية والرقمنة أن القرار الأممي رقم 2797، الصادر في 31 أكتوبر 2025، يشكل مرحلة فاصلة في مسار قضية الصحراء المغربية، بعدما رسخ بشكل غير مسبوق مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كمرجع وحيد وعملي للتفاوض.
وجاء في الورقة التحليلية التي نشرها المركز، تحت عنوان: “الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية بداية مسيرة خضراء نحو الابتكار التنموي والاندماج الإفريقي”، أن الاعتراف الأممي الجديد لم يكن حدثا معزولا، بل ثمرة تراكم دبلوماسي وسياسي انطلق منذ سنوات، وكرس رؤية مغربية واضحة جعلت من الحكم الذاتي مشروعا مجتمعيا متكاملا، يستند إلى إصلاحات مؤسساتية وتنموية واسعة.
وأشار التقرير إلى التحول الملحوظ في مقاربة مجلس الأمن للملف، حيث انتقل من رهان الاستفتاء مطلع الألفية إلى الإشادة بجدية ومصداقية المقترح المغربي منذ سنة 2007، قبل أن يأتي القرار 2797 ليُحدث تحولا نوعيا عبر تثبيت الحكم الذاتي كأساس وحيد للمفاوضات وكنتيجة واقعية للحل.
وتوقفت الورقة عند الخلفية التاريخية للمقترح المغربي، مؤكدة أن روابط البيعة الشرعية التي جمعت قبائل الصحراء بالعرش العلوي عبر القرون تمثل أساسا سياسياً وروحياً ثابتاً، انعكس في مشاركة أبناء الأقاليم الجنوبية في مؤسسات الدولة ودورها الوطني.
ووفقا لذات المصدر تعزز هذا الأساس التاريخي، بتأصيل دستوري وقانوني من خلال دستور 2011 الذي أرسى دعائم الجهوية المتقدمة، وما تلاه من قوانين تنظيمية سنة 2015 منحت الجهات صلاحيات واسعة واستقلالية مالية وإدارية، ما مهد لنموذج تنموي متماسك في جنوب المملكة.
وعلى المستوى الميداني، أبرز المركز الطفرة التنموية التي تعرفها الأقاليم الجنوبية، حيث تصل الميزانية المخصصة للنموذج التنموي الجديد إلى 77 مليار درهم موزعة على جهات العيون الساقية الحمراء (44 مليار درهم)، الداخلة وادي الذهب (26 مليار درهم)، وكلميم واد نون (7 مليارات درهم)، مع إمكانية تجاوز الإنجازات حاجز 100 مليار درهم خلال السنوات المقبلة.
وتشمل هذه المشاريع أوراشا كبرى، من بينها الطريق السريع تزنيت–الداخلة، وميناء الداخلة الأطلسي الذي يرتقب أن يتحول إلى منصة لوجستية إفريقية ودولية، إضافة إلى مشاريع رائدة في الطاقات المتجددة تجعل من الصحراء إحدى ركائز السيادة الطاقية للمملكة.
ولضمان استدامة هذا المسار، دعا المركز إلى إعادة هيكلة البنية الاقتصادية في الجنوب، عبر الانتقال من اقتصاد ريعي يعتمد على المواد الخام إلى اقتصاد منتج يخلق قيمة مضافة، خاصة في مجالات الصيد البحري والطاقات النظيفة.
كما شدد التقرير على ضرورة تحصين السيادة الاقتصادية للمغرب، من خلال وضع منظومة قانونية تمنع التفويت العشوائي للأصول الإستراتيجية، مثل الموانئ والموارد الطبيعية، واقترح إحداث لجنة عليا مختصة في تتبع الاستثمارات الكبرى والتأكد من احترامها لمعايير السيادة ونقل التكنولوجيا.