المغرب يواصل حضوره الأكاديمي عالمياً بخمس جامعات مصنفة دولياً
كشفت نتائج التصنيف العالمي للجامعات لسنة 2025، الصادر عن مركز تصنيف الجامعات العالمي (CWUR)، عن حضور خمس جامعات مغربية ضمن قائمة أفضل 2000 جامعة على الصعيد الدولي، من أصل أكثر من 21 ألف مؤسسة تعليمية تم تقييمها، في مؤشر يعكس تطورا جزئيا في الأداء الجامعي بالمملكة، رغم التحديات المستمرة في بعض المحاور الأساسية.
في مقدمة الجامعات الوطنية، احتلت جامعة محمد الخامس بالرباط المرتبة 992 عالميا، بمعدل نقاط بلغ 70.7، ما يضعها ضمن أعلى 4.7 بالمائة من الجامعات العالمية. وسجلت الجامعة مركزا مشرفا في محور البحث العلمي باحتلالها المرتبة 947، بينما غاب اسمها عن باقي المؤشرات المتعلقة بجودة التعليم، وقابلية توظيف الخريجين، والتميز الأكاديمي للهيئة التدريسية، وهي معايير تشكل جوهر التقييم الشامل في التصنيفات الدولية.
وجاءت في المرتبة الثانية وطنيا جامعة القاضي عياض بمراكش، التي حلت في المركز 1128 عالميا، ونالت مجموع نقاط قدره 69.9، مع تصنيف بحثي بلغ 1081. غير أن أداءها لم يخرج عن النمط ذاته، حيث طغى البعد البحثي على حساب باقي الجوانب الأكاديمية التي تُعد مكملا أساسيا لأي مؤسسة جامعية حديثة تسعى إلى التموقع عالميا.
وحلت جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء ثالثة وطنيا، باحتلالها المرتبة 1154 عالميا، بمعدل نقاط بلغ 69.8، وتقييم بحثي وصل إلى 1108، في حين غابت بدورها عن محاور جودة التعليم والتوظيف، مما يكرس الصورة النمطية للأداء الجامعي المغربي القائم أساسا على النشر الأكاديمي دون مرافقة ذلك بجودة متكاملة في التكوين والمخرجات.
في المرتبة الرابعة جاءت جامعة محمد الأول بوجدة، التي نالت المركز 1357 عالميا، بمعدل نقاط بلغ 68.8، وتصنيف بحثي في حدود 1304، وهو ما يعكس محدودية في التمويل والموارد أو ضعف الربط بشبكات البحث العلمي الدولية، رغم نجاحها في ضمان مكان ضمن أول 7 بالمائة من الجامعات العالمية.
أما جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، فقد جاءت في المركز 1901 عالميا، وخامسة وطنيا، بمعدل نقاط بلغ 66.6، وتصنيف بحثي في حدود 1831، ما يضعها في موقع متأخر مقارنة بنظيراتها داخل المملكة، ويطرح تحديات كبرى أمام جهودها في تحسين أدائها الأكاديمي والعلمي على حد سواء.
ويعتمد تصنيف CWUR على سبعة مؤشرات موزعة على أربعة محاور أساسية، تشمل جودة التعليم (25%)، توظيف الخريجين (25%)، التميز الأكاديمي للهيئة التدريسية (10%)، إضافة إلى البحث العلمي (40%)، الذي يُقسم بدوره إلى الإنتاج العام، والنشر في الدوريات المرموقة، والأبحاث ذات التأثير العالي، إضافة إلى عدد الاستشهادات.
ورغم تمكن الجامعات المغربية من فرض حضور نسبي عبر بوابة البحث العلمي، إلا أن غيابها عن محاور التعليم والتوظيف يسلط الضوء على خلل بنيوي في السياسات التعليمية، ويدعو إلى مراجعة شاملة تستحضر العلاقة الضرورية بين البحث الأكاديمي وجودة التكوين وملاءمته مع سوق الشغل. ف
المنافسة الجامعية اليوم لم تعد تُقاس بعدد الأوراق العلمية المنشورة فحسب، بل أصبحت مرتبطة أيضا بجودة التجربة التعليمية التي توفرها المؤسسات، ومدى قدرتها على تخريج كفاءات قادرة على مواكبة التحولات السريعة في الاقتصاد والمعرفة.
وإذا كان التصنيف قد أشار بوضوح إلى هيمنة الجامعات الأمريكية والبريطانية على المراتب العشر الأولى، يتقدمها هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وأوكسفورد، فإن الفجوة بين هذه المؤسسات ونظيراتها المغربية لا تتعلق فقط بالإمكانيات، بل أيضاً بالقدرة على خلق نموذج جامعي متكامل يجمع بين التميز العلمي، والتكوين عالي الجودة، والانفتاح على البيئة الاجتماعية والاقتصادية.
في ضوء هذه النتائج، تظل الضرورة ملحة أمام الجامعات المغربية لإعادة بناء موقعها التنافسي وفق رؤية جديدة تضع الطالب في قلب العملية التعليمية، وتربط بين المعرفة الأكاديمية وواقع التنمية، لضمان تموقع أفضل في التصنيفات المستقبلية، والأهم من ذلك، إسهام فعلي في بناء مجتمع المعرفة.