خوسي خوسي.. قامة موسيقية تترجل عن صهوة الحياة

ودعت المكسيك، مؤخرا، إحدى قاماتها الموسيقية، المغني خوسي خوسي، الذي فارق الحياة عن سنة 71 عاما بأحد مستشفيات ميامي في الولايات المتحدة، بعد مسيرة حافلة بالعطاء امتدت لأزيد من نصف قرن.

وخلال حفل تأبين استثنائي بقصر الفنون الجميلة بالعاصمة مكسيكو، ودع المكسيكيون "أمير الغناء" الذي ظل رمزا موسيقيا بأمريكا اللاتينية حيث فاق عدد أسطواناته المباعة الـ 120 مليون.

وكان لرحيل خوسي خوسي، بعد صراع مرير مع سرطان البنكرياس، وقع كبير في نفوس المكسيكيين، حيث احتشد العديد من عشاقه طيلة أسبوع ليبكوا فقيدهم ويرددوا أغانيه التي سكنت ذاكرتهم على مدى عقود.

"لقد كان خوسي جزءا منا، جزءا من المكسيك"، تقول السيدة مارتينيز ذات الخمسين عاما والحزن باد على محياها، مضيفة في تصريح لوكالة المغرب العربي للانباء ، "لم تتح لي الفرصة لحضور مراسيم الجنازة الرسمية إلى جانب أفراد عائلته، لكنني جئت اليوم لتوديع العزيز خوسي خوسي وأنا ممتنة لعطاءاته ولموهبته الفذة".

وعبرت مارتينيز عن الأسى لفقدان موسيقي تخطى صيته حدود أمريكا اللاتينية من طينة خوسي خوسي، "الفنان مرهف الحس الذي عكست أغانيه خيباتنا وآمالنا".

واجتاحت شبكات التواصل الاجتماعي موجة من صور الراحل وعبارات الثناء على عطاء فنان اشتهر بقصائده الغنائية الرومانسية، ومن بينها "العالم" (ذا وورلد) و"حياتي" (ماي لايف)، ورشح عدة مرات لجوائز "غرامي"، كما شارك في بعض الأعمال السينمائية.

ووصف الرئيس المكسيكي، أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، وفاة خوسي خوسي، بأنها "نبأ محزن"، مبرزا أن الراحل "كان مغنيا استثنائيا (...) أبكى وأسعد الكثيرين بأغانيه".

وقد تشرب خوسي خوسي، واسمه الحقيقي خوسي رومولو سوسا أورتيز، الفن منذ نعومة أظافره على يدي والده، الذي كان مغني أوبرا، ووالدته التي كانت عازفة بيانو.

وألهمت العديد من أعماله جيلا من الفنانين والموسيقيين، بينهم نجم البوب اللاتيني، خوليو إغليسياس، الذي أحيا أولى أغاني خوسي خوسي "سفينة النسيان".

ولم يكن خوسي خوسي قد تجاوز ربيعه الـ15 حين بدأ مسيرته المهنية رسميا كعازف قيثارة، قبل أن ينضم لمجموعة لموسيقى الجاز والبوصانوفا، ويوقع لاحقا عقدا مع إحدى شركات الانتاج المكسيكية، حيث أصدر سنة 1969 ألبومه الأول والذي حمل اسم "لانافي ديل أولفيدو" (سفينة النسيان).

وغزا المغني المكسيكي قلوب الملايين من الناطقين بالإسبانية بأغنية "إل تريستي" (الحزين)، التي أداها في مهرجان الأغاني اللاتينية لسنة 1970 الذي أقيم في العاصمة المكسيكية، وهي الأغنية التي ولج بها عالم النجومية من بابه الواسع.

وكان عقد الثمانينات من أزهى الفترات في الحياة الفنية لخوسي خوسي، حيث بلغت مبيعات ألبومه "الأسرار" نحو مليوني نسخة في غضون أسابيع قليلة، والذي تزامن صدوره مع بدايات ظهوره في الأعمال السينمائية.

وحققت أغاني خوسي المتميزة، لاسيما الحزينة منها، نجاحا باهرا تجاوز حدود المكسيك، قبل أن تتعثر مسيرته بسبب إدمانه للكحول، والذي عانى منه لنحو 30 عاما، لكنه تعافى لاحقا وواصل مسيرته بدعم من زوجته الكوبية، ساريتا سالازار. وقد حصل، في السنوات الأخيرة، على نجمة في ممشى المشاهير في هوليوود.