الأسر الفاسية في رمضان.."الجلابة البلدية"..وشهيوات تقليدية

*فاطمة الزهراء بشكارة

تختلف عادات، و تقاليد كل مدينة مغربية عن الأخرى في شهر رمضان الكريم، و تعتبر العاصمة العلمية للمملكة من بين أهم المدن المغربية التى تتوفر على طقوس، وعادات متميزة خاصة بشهر رمضان المبارك كما تختلف عن باقي المدن في الاستعدادات، وطقوسها الخاصة

تنطلق الاستعدادات في مدينة فاس مند منتصف شعبان لاقتناء ما يحتاج إليه المرء من مواد، ولوازم غذائية تتعلق بإعداد الحلويات الفاسية فيتوجهون إلى مايسمى بسوق العطارين من قلب المدينة العتيقة بمحاداة جامع القرويين هناك يزين بائعو التوابل متاجرهم باصناف متنوعة منها فتختلط رائحة "الخزامى"،و الإبزار، و القرنفل، و غيرها لتشكل بذلك أجواء فريدة تميز شهر رمضان
و من بين الماكولات و الشهيوات الفاسية نجد "ورقة البسطيلة"، إذ لا تحتاج إلا إلى الدقيق والماء والملح والزيت، لكنها تتطلب خفة ودقة في إعدادها تستخدم رقائق البسطيلة في إعداد أشكال من اللفائف الحلوة والمالحة مثل ”البريوات” و ”المحنشة” التي تزين مائدة الإفطار المغربية في رمضان.

وهناك أيضا الشباكية التي تتكون من الدقيق، وماء الورد، و مسحوق الزنجلان و حبة حلاوة، والزعفران الحر، و الخل مع الزيت وتقلى القطع التي تتشابك على شكل وردة تقريباً في زيت ساخن، و"تغمس" في العسل قبل أن تقدم مزينة برشة سمسم أو لوز مهرمش كما تعتبر الشباكية مرافقة اساسية لحساء الحريرة بالإضافة إلى التمر .

وتتضمن مائدة الفاسيين شوربة الحريرة المغربية التي تُعتبر من أكثر الشوربات ثراء غذائياً، وتنوعاً من ناحية المكونات، ويمكن اعتبار الحريرة وجبة متكاملة في رمضان بعد يوم طويل من الصيام، لأنّها تحتوي على البروتين الحيواني، والنباتي، وكميات كبيرة من الفيتامينات والمعادن، كما أنّها تتضمّن النشويات والدهون الضرورية للجسم.

ويوجد أيضا سلو (سْلُّو) حلوى مغربية شهيرة تحضر في مناسبات كبيرة كشهر رمضان والأفراح والأعياد، سلو شهيوة رمضانية تبدو كعجين رقيق، مكون أساساً من مزيج الطحين المُحمص واللوز، والسمسم وسكر وزبدة، يختلف تحضيرها من منطقة لأخرى حيث تسمى كذلك "السْفْوف والتْقَاوْت"، ويتم إعدادها خاصة في رمضان إذ لا يخل أي منزل مغربي منها و خصوصا الفاسي.

وأضحى شهر رمضان الأبرك في السنوات الأخيرة يمثل مناسبة لنشاط، وحركية اقتصادية جد مهمة فيقبل الناس على الزي التقليدي كتعبير عن استقبالهم للشهر الكريم و فرحهم بقدومه، فيشترون الجلابة المغربية الأصيلة و الجبادور و القفطان و الكاندورة و البلغة الفاسية.

كما يعتبر شهر رمضان بفاس موعدا يتجدد كل سنة مع السعادة الروحية وتقوية الإيمان والمواظبة على التعبد والتقرب إلى الخالق فمنذ اليوم الأول من هذا الشهر الكريم، تشهد مختلف المساجد سواء المتواجدة بقلب المدينة العتيقة ودروبها وحاراتها أو بالمدينة الجديدة وشوارعها وأزقتها إقبالا ملفتا من طرف المصلين والذي يستمر طيلة نهارات وليالي هذا الشهر الفضيل.

وتشهد هذه المنارات الدينية والروحية توافدا كبيرا من طرف المواطنين الذين يتقاطرون عليها في كل وقت من أوقات الصلاة لأداء شعائرهم الدينية في جو روحاني يعبق بالذكر وتلاوة القرآن والتضرع إلى الله بالدعاء الصالح.

وحتى قبل حلول هذا الشهر المبارك تكون هذه المساجد وأماكن العبادة قد شهدت عمليات واسعة من التنظيف والإصلاح والترميم يقوم بها القيمون على المساجد وكذا العديد من المتطوعين الذين يساهمون في هذه المبادرات ويعتبرون عملهم ومجهودهم خالصا لوجه الله وابتغاء مرضاته.

وإلى جانب أداء الصلاة في وقتها داخل المساجد يحرص المواطنون الذين يفدون على بيوت الله خلال شهر رمضان على حضور وتتبع الدروس الدينية التي يلقيها علماء أجلاء طيلة شهر رمضان والتي تتمحور حول قضايا متعددة خاصة السيرة أو الحديث النبوي الشريف أو في تفقيه الناس في أمور دينهم وتصحيح بعض الممارسات والبدع الخاطئة وحث الناس على الالتزام بمبادئ الإسلام الحنيف التي تدعو إلى التسامح والإخاء ونبذ العنف .

إن حلول شهر الصيام يغير كليا الحياة اليومية العادية للإنسان لأنه يشكل من جهة مناسبة لتلمس الأنوار الربانية وتجديد الصلة بالله والتزود بجرعات الإيمان وتزكية النفوس، ومن جهة أخرى فإن قدوم هذا الشهر الفضيل يكون مناسبة لتكريس عادات وتقاليد العاصمة الإدريسية في الملبس والمأكل وفن العيش.