في ظل حالة النفور المتصاعد من الأحزاب التقليدية، اقترح بعض شباب جيل “زيد” على النائب السابق عمر بلافريج خوض تجربة سياسية جديدة، عبر تأسيس حزب يعبر عن تطلعات الجيل الحالي، ويواجه ما وصفوه بـ”الديناصورات السياسية” التي احتكرت المشهد الحزبي لعقود دون تجديد فعلي في الخطاب أو الممارسة.
ويقترح هؤلاء الشباب أن يكون المشروع الحزبي الجديد منبثقًا من قضايا ملموسة تمسّ صميم الحياة اليومية للمواطنين، وعلى رأسها إصلاح المنظومة الصحية العمومية، وإنقاذ التعليم العمومي من التدهور، وهو ما يرونه الخطوة الأولى نحو بناء عدالة اجتماعية حقيقية، وشكل جديد من المواطنة الفاعلة.
ويعود عمر بلافريج إلى الواجهة من جديد، وهو الذي سبق أن شكّل حالة استثنائية خلال ولايته البرلمانية (2016)، عندما اصطدم بواقع سياسي لا يرحب كثيرًا بالأصوات المختلفة أو المبادرات الخارجة عن “السرب الحزبي”. فرغم مداخلاته الجريئة، تعرض بلافريج لتقزيم سياسي داخل قبة البرلمان، ما دفعه للجوء إلى وسيلة جديدة في عالم السياسة المغربية: “البودكاست السياسي”.
وكان بلافريج من أوائل السياسيين الذين أدركوا أهمية وسائل التواصل الحديثة في كسر الجدران السميكة بين المواطن وصاحب القرار. فاعتمد على “البودكاست” كوسيلة للتواصل المباشر مع الرأي العام، مستعرضًا آراءه بخصوص قضايا وطنية، ومواقف مجلس مدينة الرباط، إلى جانب مداخلاته في مجلس النواب، بعيدًا عن الوسائط التقليدية التي غالبًا ما تحجب الصورة الكاملة.
اليوم، وبين مقترحات جيل رقمي جديد يبحث عن أفق سياسي نظيف، وتجربة ناضجة لبلافريج، تعود إلى السطح أسئلة جوهرية: هل آن الأوان لتشكيل تيار سياسي شبابي قادر على كسر منطق الريع الحزبي؟ وهل يُمكن أن يكون “البودكاست” أداة بناء حزبي، لا مجرد وسيلة للتعبير؟
المرحلة المقبلة قد تكون حبلى بمفاجآت، في حال تلاقت الإرادة الشبابية مع خبرة سياسية خارج القوالب الجاهزة، في تجربة قد تعيد تشكيل جزء من المشهد الحزبي في المغرب.