العجلاوي والشيات يفككان الموقف الجديد لروسيا تجاه الصحراء

 أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، اليوم الاثنين، استعداد بلاده للترحيب بمخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب لتسوية النزاع حول الصحراء، معتبراً إياه “أحد أشكال تقرير المصير” المحتملة. 

هذا الموقف الروسي الجديد، الذي يؤكد استعداد موسكو للترحيب بالمخطط شريطة اتفاق جميع الأطراف وإشراف أممي، يمثل تحولاً لافتاً في السياسة الروسية تجاه النزاع، حيث كانت موسكو تؤكد في السابق على الحلول الأممية دون تحديد شكل معين.

يأتي هذا التصريح الهام قبيل أيام قليلة من انعقاد جلسة مرتقبة لمجلس الأمن الدولي، مخصصة لمناقشة آخر التطورات المتعلقة بالوضع في الصحراء وبحث مستقبل بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (المينورسو). 

هذا التوقيت الاستراتيجي يضفي على تصريحات لافروف أهمية خاصة، فقد تعيد تشكيل ديناميكيات النقاش الدولي حول هذه القضية العالقة منذ عقود، وتفتح آفاقاً جديدة أمام إيجاد حل سياسي يحظى بدعم القوى الكبرى.

خالد الشيات

تحول في الخطاب الروسي ودلالاته

لفهم أبعاد هذا الموقف الروسي، يوضح خالد الشيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، لجريدة بلبريس، أن “الموقف الروسي هو تحول على مستوى الخطاب الذي تتبناه روسيا والذي غالباً ما كان أقرب إلى الطرح الجزائري فيما تسميه تقرير الشعب الصحراوي لمصيره”. ويضيف الشيات أن “الإضافة اليوم هي أنها تضيف هذه المسألة المرتبطة بالحكم الذاتي باعتباره صورة من صور تقرير المصير، وهو أمر حقيقة مهم جداً لأن هذا الأمر تحول كبير على مستوى منهجية روسيا”.

ويشير الشيات إلى أن روسيا، من خلال هذا الموقف، “تبقي المجال مفتوحاً لخيارات أخرى، يعني أن روسيا تجد في الحكم الذاتي توافقاً مع مفهوم تقرير المصير”. ويعزو ذلك إلى “مجموعة من التجارب الداخلية الروسية نفسها، حيث كانت كلها عمليات تقوم بها روسيا بعيداً عن التدخل الدولي، وتظهر بأن مجموعة من المجموعات البشرية، منها من قام بمقاتلة الروس في ستينيات القرن الماضي، كما هو الحال بالنسبة للشيشان، التي أصبحت لديها وضع خاص داخل روسيا، وهو أمر يجعل الحدود مجردة من طرف الروس”.

ويلفت الأستاذ الشيات إلى أن هذا الموقف الروسي يتوافق مع أصل فكرة تقرير المصير، ولكنه يضع شرطاً أساسياً لقبول الأطراف المعنية، وهي البوليساريو والجزائر. ويرى الشيات أن هذا الشرط قد يكون “نوعاً من إثارة الفكرة الإيجابية وسحبها في نفس الوقت”، معتبراً أن “كان موقف روسيا فإنه يجب أن لا يكون به شروط معينة، ولا يجب أن تشترط روسيا مثل هذه الشروط فقط أن تبدي ملاحظتها بأن هذا صورة من صور تقرير المصير”.

ويذكر الشيات بقرارات الأمم المتحدة التي تؤكد دائماً على أن الحل يجب أن يكون “سلمياً سياسياً وتوافقياً وقابلاً للتنزيل”، وهو ما ينسجم مع آلية الحكم الذاتي كـ”آلية من آليات الحلول السياسية القابلة للتفاوض حولها وأنها قابلة للتنزيل”. 

ويخلص الشيات إلى أن ” موقف روسيا في هذا الملف يعد تحولاً كبيراً جداً على مستوى الخطاب وعلى مستوى التصور وعلى مستوى المنهج، ولكن يبقى خطابا ومنهجاً متصورا  فيه الشرط، والشرط يصعب تحقيقه، هو أن يكون هناك قبول من جميع أطراف النزاع”. 

ويضيف أنه “يجب أن يكون هناك بالعكس فرض هذا الأمر على كل أطراف النزاع لكي تصل إلى هذا الحل السلمي والسياسي، وأن لا تكون روسيا قد قامت بذلك من أجل التوافق مع مصالحها مع طرفي النزاع الأساسيين هما المغرب والجزائر.”

مرحلة جديدة وتغير موازين القوى

من جانبه، يرى الموساوي العجلاوي، الخبير والأكاديمي المغربي في قضايا الصحراء وإفريقيا، أن “ملف النزاع الإقليمي حول الصحراء انتقل إلى مرحلة جديدة تتغير فيها، على مستوى الأمم المتحدة، مرجعية النزاع نحو تحديد إطار الحل السياسي من خلال مبادرة الحكم الذاتي”.

ويعزو العجلاوي هذا التحول إلى عدة عوامل، منها “اللقاءات وتوقيع اتفاقيات استراتيجية بين المغرب وروسيا، إضافة إلى تغير موازين القوى في منطقة الساحل حيث يتقاسم المغرب وروسيا حضوراً مؤثراً في المنطقة”.

ويشير الخبير المغربي في تصريح خص به بلبريس إلى وجود “تحول على المستوى الدولي انتصاراً لسيادة المغرب على صحرائه”. ولهذه الأسباب وغيرها، “يتحول الموقف الروسي بخصوص النزاع حول الصحراء”. 

ويضيف العجلاوي ملاحظة هامة تتعلق بـ”التصريحات الأخيرة للرئيس الجزائري، ما يشبه الاعتراف وقبول الموقف المنتظر من لدن روسيا”.

ويختتم العجلاوي تحليله بأن “ما يهم المغرب هو عدم رفض روسيا للقرار الجديد المنتظر نهاية هذا الشهر من لدن مجلس الأمن، والذي قد يتبنى قراراً بحل سياسي بقاعدة الحكم الذاتي دون تصويت بالفيتو الروسي”.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *