في سياق ورش مراجعة القوانين الانتخابية، فجر مركز المؤشر للدراسات والأبحاث جدلاً واسعاً حول الصيغة الحالية للّوائح الجهوية، واصفاً إياها بأنها تحوّلت من آلية لتمكين النساء والشباب إلى “أداة مخصصة للنساء فقط”، فيما “تدفع الشباب نحو الإقصاء شبه الدائم”.
في تقريره الجديد المعنون بـ”الرؤية الإصلاحية لمركز المؤشر في مجال إصلاح القوانين الانتخابية”، أكد المركز أن التجربة أثبتت وجود “مفارقة صارخة بين الأهداف المعلنة والنتائج الفعلية”؛ إذ لم تنجح الصيغة المعتمدة في تحقيق التمثيلية المنشودة، بل أصبحت “واجهة لتوزيع الريع السياسي بناءً على الولاءات والمصالح، بدل الكفاءة والجدارة”.
“كوطا” مفصولة… وإصلاح عميق للتمثيلية
واقترح المركز الإبقاء على نظام الكوطا بـ90 مقعداً، لكن مع إعادة توزيعها بشكل شفاف: 60 للنساء، و30 للشباب، وذلك عبر لوائح جهوية مستقلة لضمان تمثيلية فعلية للشباب داخل البرلمان.
وشدد التقرير على أن مجرد تخصيص مقاعد لا يكفي، بل يجب فرض معايير دقيقة للترشح تقطع مع منطق “الترضيات والمقابل المادي”، داعياً إلى إعادة الاعتبار لكفاءة المترشحين، لا صفاتهم الانتمائية فقط.
البكالوريا شرط للترشح… والماجستير للشباب
ومن أبرز توصيات المركز المثيرة للجدل، دعوته إلى اشتراط شهادة البكالوريا كحد أدنى للترشح لمجلس النواب ومجالس الجهات، معتبراً أن التمثيل البرلماني وظيفة عامة ومسؤولية دستورية، وليس مجرد “حق فردي”.
ولم تتوقف المقترحات عند هذا الحد، بل ذهب التقرير أبعد من ذلك، حين دعا إلى فرض كوطا داخلية داخل الأحزاب بنسبة 20% من وكلاء اللوائح البرلمانية من فئة الشباب دون 35 سنة، شريطة توفرهم على شهادة الماجستير أو ما يعادلها، بهدف “إعادة ضخ دماء جديدة” في الحياة السياسية، والقطع مع “الاحتكار التقليدي للوجوه الانتخابية”.
أزمة تمثيلية تهدد الديمقراطية
التقرير لم يغفل الأزمة الأعمق، وهي “أزمة التمثيلية السياسية في المغرب”، والتي اعتبرها مؤشراً على خلل بنيوي في البناء الديمقراطي، ناتج عن ضعف النخب الحزبية وغياب القيادات المؤهلة، إلى جانب استمرار هيمنة منطق “الأعيان والنفوذ المالي”.