فضائح الدعم الانتخابي تتجدد قبل استحقاقات 2026

على بعد سنة واحدة فقط من موعد الانتخابات التشريعية لسنة 2026، بدأت سخونة المعركة الانتخابية تتجلى، ولكن ليس على مستوى البرامج أو المرشحين، بل على مستوى “حرب المال” بين الأحزاب السياسية المغربية، التي فتحت جبهة جديدة مع وزارة الداخلية، مطالبةً بزيادة التمويل العمومي المخصص لدعم حملاتها.

هذه المطالب، التي رفعها زعماء أحزاب إلى وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، جاءت بذريعة الحاجة إلى تمويل قانوني ومنظم لتفادي السقوط في شبكات التمويل غير المشروع، كغسيل الأموال، التهرب الضريبي، أو حتى شراء الذمم والأصوات. غير أن هذه الصرخة تثير الكثير من الجدل، خصوصاً وأن نفس الأحزاب سبق أن وُجهت إليها اتهامات ثقيلة تتعلق بسوء التدبير المالي للدعم العمومي، حسب تقارير المجلس الأعلى للحسابات.

وقد كشفت يومية الصباح، في عددها الصادر يوم الأربعاء 13 غشت، أن وزارة الداخلية تلقت فعلاً طلبات من قيادات حزبية لرفع حجم الدعم الانتخابي، رغم أن تقارير المجلس الأعلى للحسابات توثق لتجاوزات خطيرة في صرف المال العمومي خلال الانتخابات السابقة. حيث أنفق قادة بعض الأحزاب الدعم العمومي على أمور لا تمت بصلة للحملات الانتخابية، مثل اقتناء شقق وسيارات ومقرات، بل وحتى تغطية مصاريف الحفلات الخاصة أو “الزرود”.

القضاة المكلفون بالتدقيق في مالية الأحزاب أبدوا سخطهم، وراسلوا مراراً قيادات حزبية مطالبين بإرجاع الأموال التي لم تُدعَّم بوثائق قانونية، أو صُرفت في غير محلها. بل إن بعض هذه التجاوزات تعود إلى انتخابات مضى عليها أكثر من عشر سنوات، دون أي إجراءات فعلية لاسترجاع المال العام.

وأفادت اليومية أن زعماء 24 حزباً عبّروا عن استيائهم مما وصفوه بـ”ضعف” حجم التمويل الانتخابي المقدم لهم، مؤكدين أنهم يحصلون فقط على 75 مليون سنتيم كدفعة أولى، وهو مبلغ لا يكفي حتى لتغطية تكاليف تشغيل المقرات، فبالأحرى تمويل الحملات أو إعداد لوائح المرشحين. أحد الأمناء العامين، الذي رفض كشف اسمه، صرح للجريدة بأنه عاجز عن تسديد فواتير الكهرباء والهاتف وكراء المقر، فما بالك بتمويل حملات انتخابية تنافسية!

في المقابل، تحصد الأحزاب “الكبيرة” دعماً يتراوح بين مليار ومليار ونصف سنتيم، حسب عدد المقاعد التي فازت بها والأصوات التي حصلت عليها، بالإضافة إلى الدعم غير المرئي الذي يأتي من رجال أعمال وأعيان يستثمرون أموالاً طائلة قد تصل إلى 500 مليون سنتيم لكل مرشح، وهي مبالغ لا تدخل عادة في رادار المحاسبة الرسمية.

ولم تتوقف ملاحظات المجلس الأعلى للحسابات عند هذا الحد، بل طالب 22 حزباً سياسياً بإرجاع مبالغ هامة إلى خزينة الدولة، تعود إلى انتخابات سابقة مثل تشريعيات 2016، جماعيات 2015 و2021، ومستشاري 2021، بل وحتى دورات انتخابية أقدم.

تتفاقم هذه الأزمة في ظل غياب الإصلاح المالي داخل الأحزاب، واستمرارها في المطالبة بتمويل أكبر دون تقديم ضمانات حقيقية على صرفه وفق معايير الشفافية والحكامة، ما يُنذر بموسم انتخابي ساخن تحكمه الأرقام أكثر من المبادئ، وتتحرك فيه الأموال أكثر من البرامج.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *