فتح محمد فوزي، الوالي المفتش العام للإدارة الترابية، تحقيقًا سريًا بعيدًا عن عيون المنتفعين، للوقوف على ما يروج بشأن هيمنة مكاتب دراسات نافذة على معظم الصفقات المبرمة مع الجماعات المحلية.
وشهدت جهة الرباط سلا القنيطرة في الفترة الأخيرة عاصفة جدل بسبب مكتب دراسات شهير بالعاصمة، وجد في الساحة تربة خصبة للاستحواذ على صفقات ضخمة، أثارت احتجاجات واسعة وأسالت الكثير من المداد، قبل أن تُجبر الضغوطات رئيس مجلس بارز على تجميدها إلى حين.
ولم يتوقف النزيف هنا، إذ حطّم رؤساء جماعات من الوافدين الجدد بعد انتخابات 8 شتنبر 2021 الرقم القياسي في تفويت صفقات مثيرة للشبهات، يقال إن بعضها يدر أرباحًا تُقتطع منها نسب لمنتخبين نافذين. وكلما أطلقت وزارة الداخلية ترسانة قوانين لتقويم الاعوجاج والحد من هدر المال العام، كلما تفنّن بعض المنتخبين في ابتداع طرق أكثر دهاء لتمرير الصفقات.
وبعد خسارة مكتب الدراسات المحظوظ لـ”كعكة” مجلس قرب الرباط، زحف نحو الضواحي، ليظفر بصفقة دراسة ضخمة بجماعة وُصفت بـ”المليارديرية”، رست أشغالها على مقاولة تربطها علاقة وثيقة به، في مشروع تجاوزت ميزانيته ستة ملايير سنتيم.
ولم تتوقف الأطماع عند هذا الحد، إذ امتدت نحو جماعة قروية قريبة من سيدي قاسم، حيث فاز المكتب ذاته بصفقتي دراسة حول شبكة الماء الصالح للشرب وتهيئة مركز، بأثمنة خيالية فاقت بكثير أسعار السوق، مقارنة بما أنجز في جماعات مجاورة.
وتتزامن هذه “المجازر المالية” مع تحذيرات سلطات الوصاية وتنبيه المشرعين إلى خطورة تفويت الصفقات العمومية بطرق مشبوهة لفائدة جهات محددة، في مشهد يهدد نزاهة التدبير المحلي ويهدر الملايير من المال العام.