في إطار الاجتماع المشترك بين لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب ولجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بمجلس المستشارين، قدمت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، عرضاً مفصلاً حول تنفيذ ميزانية 2025 والإطار العام لإعداد مشروع قانون المالية لسنة 2026 والبرمجة الميزانياتية للثلاث سنوات 2026-2028.
وأكدت وزيرة المالية أن تنفيذ قانون المالية لسنة 2025 يتم في سياق دولي يتسم بعدم اليقين بسبب التوترات الجيوسياسية وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، بالإضافة إلى تأثير التغيرات المناخية على الاقتصاد الوطني. وعلى الرغم من هذه التحديات، أظهرت المالية العمومية مرونة عالية بفضل التدابير الاستباقية التي اتخذتها الحكومة، والتي ركزت على الحفاظ على التوازنات الكلية وضمان تمويل البرامج الاجتماعية ودعم الاستثمار وخلق فرص الشغل.
وأشارت نادية فتاح إلى أن النمو الاقتصادي الوطني شهد تحسناً ملحوظاً خلال النصف الأول من سنة 2025، حيث تم رفع توقعات النمو إلى 4.5%، مدعوماً بأداء قوي للأنشطة غير الفلاحية، خاصة في قطاعات البناء والأشغال العمومية والطاقة والسياحة. كما سجلت الصناعات التحويلية، ولا سيما صناعة السيارات، نمواً إيجابياً، رغم التحديات التي تواجهها الصادرات بسبب تباطؤ الطلب الأوروبي.
وفي معرض حديثها عن التوقعات الاقتصادية للسنوات المقبلة، أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية أنه من المتوقع أن يسجل نمو الاقتصاد الوطني خلال سنة 2026 نسبة 4.5 في المائة، على أن يصل معدل النمو إلى 4.2 في المائة على المدى المتوسط. غير أنها أوضحت أن هذه التوقعات قد تخضع للمراجعة في حال تدهور آفاق النمو العالمي، خاصة في الاتحاد الأوروبي، نتيجة تداعيات التوترات الجيوسياسية، أو في حال تسجيل محصول فلاحي أقل من المتوسط.
وفيما يتعلق بالفرضيات الأولية للإطار الماكرو اقتصادي 2026-2028، كشفت نادية فتاح عن توقعات بوصول محصول الحبوب إلى 70 مليون قنطار، واستقرار سعر برميل البترول برنت عند 65 دولار، وثبات سعر طن البوتان في حدود 500 دولار، مع توقع بلوغ سعر صرف الدولار 10 دراهم، ووصول معدل التضخم إلى نسبة 2 في المائة.
وعلى صعيد التجارة الخارجية، لاحظت الوزيرة أن الميزان التجاري سجل عجزاً بنسبة 15.1%، مع تراجع معدل تغطية الواردات بالصادرات إلى 59.9%. ومع ذلك، تم تعويض جزء من هذا العجز من خلال تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج وعائدات السياحة، التي شهدت انتعاشاً قوياً.
وفيما يخص المالية العمومية، أكدت نادية فتاح أن العجز الميزانياتي تم ضبطه عند مستوى 3.5% من الناتج الداخلي الخام، وذلك بفضل تحسن المداخيل الجبائية بنسبة 12% سنوياً منذ سنة 2021، نتيجة الإصلاحات الضريبية وجهود الإدارة الجبائية. كما تمت مواصلة سياسة النفقات الموجهة لدعم الفئات الهشة وتعزيز الاستثمارات العمومية، مع التركيز على المشاريع الكبرى مثل البنية التحتية والطاقات المتجددة.
وفي معرض حديثها عن البرمجة الميزانياتية للثلاث سنوات 2026-2028، أبرزت الوزيرة أن الأولويات ستتركز على تشجيع استثمارات القطاع الخاص، ومواصلة الإصلاحات الهيكلية، وتعزيز الدولة الاجتماعية عبر تعميم الحماية الاجتماعية وتحسين المنظومة الصحية والتعليمية. كما أشارت إلى أن البرمجة الميزانياتية ترتكز على مواصلة ضبط مسار عجز الميزانية في مستوى 3 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
وأضافت نادية فتاح أنه بناء على مسار عجز الميزانية المستهدف، يتوقع أن يواصل مؤشر الدين منحاه التنازلي على المدى المتوسط، لينخفض من 67.7 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2024 إلى حوالي 64 في المائة مع نهاية سنة 2028، وهو ما سيمكن من تعزيز استدامة المديونية واستعادة الهوامش المالية.
وأكدت نادية فتاح أن الحكومة تواصل تنفيذ التوجهات الملكية السامية، مع الحرص على مواكبة تطورات السياقين الوطني والدولي، بما يضمن تحقيق النمو الاقتصادي المستدام وتحسين ظروف عيش المواطنين.