داء صامت يهدد المغاربة

في مناسبة اليوم العالمي لمكافحة التهاب الكبد الوبائي، دقت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة ناقوس الخطر بشأن ما وصفته بـ”التحدي الصامت” الذي يهدد صحة المغاربة، ويتعلق بارتفاع أسعار أدوية علاج التهاب الكبد الفيروسي من نوعي B وC، ما يشكل حاجزاً أمام تطويق المرض والقضاء عليه.

وفي تقرير تحليلي أصدرته الشبكة، واطلعت عليه بلبريس، كشفت أن أسعار أدوية هذا المرض المزمن لا تزال مرتفعة بشكل كبير بالمغرب، إذ يتراوح ثمن العلبة الواحدة ما بين 5000 و6000 درهم، فيما تصل كلفة دورة العلاج الواحدة التي تمتد لـ12 أسبوعًا إلى ما بين 13.500 درهم و13.647 درهم، وهو ما يُعد عبئاً ثقيلاً على المرضى، خاصة في ظل محدودية التغطية الصحية وانخفاض نسب الاستفادة من التأمين الصحي الإجباري.

وتثير هذه المعطيات مقارنة محزنة مع دول أخرى مثل مصر، حيث لا يتجاوز سعر العلبة الواحدة من نفس الدواء الجنيس 477 درهمًا فقط، وهو ما يسلّط الضوء على الفجوة الكبيرة في سياسات تسعير الأدوية. كما أشار التقرير إلى أن دولًا مثل باكستان، السنغال، تركيا، جنوب إفريقيا، والهند اعتمدت أدوية جنيسة بأسعار رمزية أو مجانية، ما مكّنها من تحقيق نتائج إيجابية في التصدي لهذا الفيروس.

دعوة لإصلاح جذري في تسعير الأدوية

الشبكة دعت إلى مراجعة جذرية لمرسوم تسعير الأدوية، وخصوصاً تلك المرتبطة بالأمراض المزمنة والمكلِّفة، مطالبة بإدراجها ضمن لائحة الأدوية التي يشملها التأمين الإجباري بنسبة تغطية تصل إلى 100%. كما شددت على أهمية تشجيع الصناعة المحلية للدواء وتحديد هامش ربح واضح وشفاف لكل من المصنع المحلي والمستورد والصيدلية.

ولم يغفل التقرير الإشارة إلى ضرورة تسريع إخراج المراسيم التنظيمية المرتبطة بالوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية، مع دعوة لإشراك المجتمع المدني في تركيبة مجلس إدارتها لضمان بعد رقابي وتشاركي في اتخاذ القرارات المتعلقة بالأدوية.

المهنيون في خطر: القطاع الصحي غير محصّن

وفي جانب لا يقل خطورة، نبّهت الشبكة إلى أن العاملين في القطاع الصحي من بين أكثر الفئات عرضة للإصابة بفيروسات التهاب الكبد B وC، نتيجة تعاملهم اليومي مع الدم وسوائل الجسم. واستند التقرير إلى معطيات حديثة لمنظمة الصحة العالمية (2023)، التي وضعت تقنيي المختبرات في صدارة الفئات المعرضة للخطر، متبوعين بالممرضين، القابلات، والأطباء، مرجعة السبب إلى غياب وسائل الوقاية الأساسية من قفازات ونظارات واقية، وعدم احترام قواعد النظافة والتعقيم.

علي لطفي، رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، أكد في تصريح لـبلبريس أن تحدي ارتفاع أسعار الأدوية، خاصة تلك الموجهة لعلاج الأمراض المزمنة، أصبح يشكل “حجرة عثرة” أمام أي إصلاح صحي فعلي بالمغرب، مشددًا على أن الحل لا يكمن فقط في التحذير، بل في اتخاذ قرارات سياسية جريئة تضع صحة المواطن أولاً.

داء صامت… بأعراض متأخرة

ويُوصف التهاب الكبد الفيروسي بـ”المرض الصامت”، نظرًا لأن أعراضه لا تظهر إلا بعد سنوات من الإصابة، مما يجعل الكشف المبكر حجر الزاوية في مواجهته. لذلك دعت الشبكة إلى تكثيف حملات التشخيص المجاني والاستباقي، خاصة في أوساط العاملين في المجال الصحي، وأوساط الفئات الهشة والمعرضة.

في ضوء هذه المعطيات، يبقى السؤال المطروح بإلحاح: إلى متى سيظل الحق في العلاج رهيناً بقدرة المواطن على الدفع؟ وهل تتجه الدولة فعلاً نحو سياسة دوائية عادلة تضع الإنسان قبل الربح؟

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *