شهد البرلمان البريطاني يوم 21 ماي 2025 نقاشاً محتدماً حول تصاعد وتيرة الهجرة غير الشرعية، وسط اتهامات صريحة من نواب حزب المحافظين للجالية الجزائرية بلعب دور محوري في تفاقم معدلات الجريمة داخل المملكة المتحدة.
اتهامات بالجملة: “الجالية الجزائرية نموذج للفشل الأمني والاجتماعي”
النائب المحافظ كريس فيلب كان من بين أبرز المتدخلين في الجلسة، حيث وصف الوضع الحالي بـ”الزحف الخطر”، منتقداً ما اعتبره فشلًا ذريعًا للحكومات المتعاقبة في وقف تدفق المهاجرين غير النظاميين وتبعاته الأمنية.
وقال فيلب بلهجة صارمة:
“لقد حان الوقت للاستجابة لمطالب الشعب البريطاني. الهجرة العشوائية تفرز واقعًا مريرًا لا يمكن السكوت عليه، وطرحنا قانونًا جديدًا للهجرة لوضع حد للفوضى”.
ولتبرير تشدد هذا القانون، كشف النائب المحافظ أن الجزائر تتصدر قائمة أكثر الجنسيات تورطًا في الجرائم والجنح، مشيرًا إلى أن الجزائريين في بريطانيا يُرتكبون السرقات بمعدل يفوق المتوسط الوطني بـ18 مرة، وهو ما اعتبره “مؤشراً مرعباً” على هشاشة الوضع الأمني.
تحقيقات إعلامية: “مافيا الهواتف” تديرها عصابات جزائرية
هذه الاتهامات من داخل البرلمان البريطاني لم تأتِ من فراغ، إذ سبق لصحيفة The Sunday Times أن فجّرت في مارس 2024 تحقيقًا استقصائيًا كشفت فيه عن وجود شبكات إجرامية جزائرية تدير سوقًا سوداء ضخمة للهواتف الذكية، وخاصة أجهزة “آيفون”، تُسرق يوميًا من شوارع لندن وتُشحن إلى الخارج.
التقرير وصف الوضع بـ”الوباء”، موضحًا أن نحو 230 هاتفا يُسرق يوميًا في بريطانيا، في حين كشفت الشرطة أن 80% من تلك الأجهزة تعود للاتصال من خارج البلاد، وعلى رأسها الجزائر بنسبة 28%، متقدمة بذلك على دول كبرى كالصين وباكستان.
“سوق بلفور” في قلب الاتهامات
المفاجأة الأكبر جاءت من ربط التحقيق بين عمليات السرقة المنظمة في بريطانيا وبين سوق “بلفور” في الجزائر العاصمة، حيث تُباع الهواتف المسروقة بشكل علني، في ظل تواطؤ محتمل من عناصر في الجمارك الجزائرية، وفق ما أورده التحقيق، مما يعكس تشابك خيوط الجريمة عبر الحدود.
وأضافت الصحيفة أن بعض العصابات الجزائرية تنشط من قلب بريطانيا، وتتخصص في سرقة وفك تشفير الهواتف لاستعمالها في عمليات نصب واحتيال تدر ملايين الجنيهات. وأشارت إلى إدانة إحدى هذه الشبكات العام الماضي بعد ضبط مئات الهواتف المسروقة، جرى تهريبها مموهة داخل لفائف الألمنيوم.
جدل مستمر وضغط سياسي متزايد
النقاش داخل البرلمان يعكس تصاعد الضغط السياسي في بريطانيا للحد من تدفقات الهجرة غير النظامية، خاصة في ظل التدهور الأمني المرافق لبعض الجاليات. وبينما يواصل المحافظون الدفع نحو قوانين أكثر صرامة، تلوح في الأفق أزمة دبلوماسية صامتة مع الجزائر قد تتفاقم إن استمرت هذه الاتهامات في التصاعد دون رد رسمي.
السؤال المطروح اليوم في الأوساط البريطانية: هل تعكس هذه الهجمة مجرد ورقة انتخابية، أم أن الأرقام تكشف عن أزمة حقيقية تتطلب مراجعة شاملة لسياسات الهجرة؟