لشكر يُقطّر الشمع على "البيجيدي": شاركنا في "تقصي حقائق" رغم معرفتنا بعدم تمريره.. وهناك حسابات ضيقة في ملتمس الرقابة

في كلمته خلال المجلس الوطني لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أكد الكاتب الأول للحزب إدريس لشكر أن حزبه كان السباق إلى تقديم ملتمس الرقابة وطرحه في المجلس الوطني، معربًا عن أمله في لعب دور أكبر كمعارضة لولا ما وصفه بالحسابات الضيقة لحزب آخر في المعارضة، في إشارة واضحة إلى موقف حزب العدالة والتنمية.

وأوضح أن حزبه دعم تشكيل لجنة تقصي الحقائق، الذي دفع به "البيجيدي"، رغم علمه المسبق بعدم إمكانية تمريرها بسبب عدم امتلاك المعارضة عدد المقاعد اللازم في البرلمان، مؤكدًا أن هذا الموقف يأتي انسجامًا مع مبدأ المحاسبة والشفافية الذي يتبناه الحزب.

جاءت كلمة لشكر لتؤكد التزام حزب الاتحاد الاشتراكي بدوره الرقابي، رغم التحديات البرلمانية، مع توجيه رسالة ضمنية إلى القوى المعارضة الأخرى بضرورة توحيد الجهود بدل الانكفاء على حسابات ضيقة. كما أبرزت الكلمة أن الحزب مستمر في الضغط على الحكومة عبر آليات الرقابة البرلمانية، رغم أن فعاليتها تبقى مرتبطة بتوافق القوى السياسية وقدرتها على تجاوز خلافاتها.

أكد لشكر، في تصريح صحفي على هامش انعقاد المجلس الوطني للحزب صباح اليوم السبت بالرباط، أن حزب الاتحاد الاشتراكي وجد نفسه أمام صراعات داخلية أثناء صياغة ملتمس الرقابة، رغم التوافق العام حول مضمونه. وأوضح أن الحزب، بوصفه القوة الأولى في المعارضة، تقدم بمبادرة إعداد الوثيقة بما يتوافق مع الأعراف والتقاليد البرلمانية، إلا أن الخلافات برزت حول أحقية تلاوة النص، حيث حاولت أطراف أخرى اختطاف المبادرة رغم عدم تقديمها بدائل ملموسة سوى بعض الإضافات التكميلية.

وشدد المسؤول الحزبي على أن الأمر يتجاوز مجرد قراءة النص، لكونه يخضع للأعراف البرلمانية التي تحدد أولوية الحزب الأول في المعارضة في مثل هذه الملفات، وفق النظام الداخلي لمجلس النواب. وتساءل عن كيفية التعامل مع قضية بهذا الحجم، مثل ملتمس الرقابة، خارج هذا الإطار المؤسسي.

كما أشار إلى المحاولات التي استهدفت إقصاء الاتحاد الاشتراكي عن قيادة هذه المبادرة، رغم الجهود الكبيرة التي بذلها رئيس فريقه البرلماني وأعضاؤه. ولاحظ أن بعض الأطراف التي أعلنت سابقًا رفضها الانخراط في الملتمس، تراجعت لاحقًا عن مواقفها. وأكد أن الحزب تحلى بالصبر والثبات في التعامل مع هذا الملف، انطلاقًا من مسؤوليته كقوة معارضة رئيسية، وحرصه على وضع المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات.

أعلن الفريق الاشتراكي، أحد مكونات المعارضة الاتحادية، تعليق أي تنسيق بشأن ملتمس الرقابة الذي كان يُعتبر أبرز أداة لسحب الثقة من الحكومة، في خطوة أضعفت المبادرة التي كانت المعارضة تعول عليها. وبرر الفريق موقفه برفضه التعامل "باستخفاف وانعدام جدية مع الآليات الرقابية الدستورية"، مشيراً إلى أن المبادرة تحولت من تمرين ديمقراطي إلى حسابات سياسية ضيقة تبحث عن مكاسب سريعة دون تراكمات حقيقية.

من جهته، أكد فريق حزب "الوردة" بمجلس النواب عدم وجود رغبة حقيقية لدى بعض المكونات لتفعيل ملتمس الرقابة، معتبراً أن التركيز انصب على جوانب شكلية أعاقت المبادرة. وأوضح أن الإعداد للملتمس جاء بمبادرة من الفريق الاشتراكي، وتم الاتفاق على الشروع في صياغة مذكرة تقديمه وجمع التوقيعات، إلا أن سلسلة الاجتماعات كشفت عن غياب الإرادة الصادقة لإخراجه إلى النور.

وأشار الفريق إلى أن بعض مكونات المعارضة انشغلت بتفاصيل ذاتية وتقنية بعيدة عن الأعراف البرلمانية، كما اتهمها بالتشويش على المبادرة عبر تسريبات إعلامية تخدم أجندات خاصة، مما أدى إلى إهدار الزمن السياسي وإبعاد النقاش عن أخلاقيات التنسيق المسؤول.

يذكر أن الفريق الاشتراكي كان أول من طرح فكرة ملتمس الرقابة استناداً إلى الفصل 105 من الدستور أواخر 2023، وأدرجتها قيادة الحزب في تقريرها السياسي المقدم أمام المجلس الوطني في يناير 2024. وأكد أن التنسيق مع مكونات المعارضة بدأ منذ ذلك التاريخ، رغم الوعي بصعوبة تحقيق الأغلبية المطلوبة لإسقاط الحكومة، لكن الهدف كان فتح نقاش وطني حول التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وأشار الفريق إلى أن مجرد طرح الملتمس نجح في تحريك المشهد السياسي، حيث لقي اهتماماً واسعاً من الرأي العام والحكومة ووسائل الإعلام، مما يؤكد أهميته كآلية رقابية وديمقراطية، حتى لو لم يُفضِ إلى تغيير حكومي.