85% أخبار سريعة و3% فقط صوت المهاجرين.. هل فشل الإعلام المغربي في فهم تحوّله إلى بلد استقبال؟
في ظل التحول الذي يشهده المغرب من بلد عبور إلى بلد استقبال للمهاجرين، أثارت دراسة حديثة أجراها الأستاذ الجامعي في مجال الصحافة والإعلام، محمد كريم بوخصاص تساؤلات حول دور الإعلام المغربي في معالجة قضايا الهجرة الأجنبية.
الدراسة، التي نُشرت تحت عنوان "تغطية الصحافة المغربية للهجرات الأجنبية"، كشفت عن محدودية التغطية الإعلامية وتركيزها على الجوانب الأمنية، مع إغفال واضح للقضايا الإنسانية والاجتماعية.
وأظهرت الدراسة أن التغطية الإعلامية لقضايا الهجرة في المغرب تبقى ضعيفة وغير متوازنة. فعلى الرغم من تنوع الوسائل الإعلامية بين الورقية والإلكترونية، فإن نسبة التغطية تتركز بشكل كبير على الأخبار السريعة والمحايدة، مثل التقارير الإخبارية والأخبار المختصرة، والتي تشكل 85% من المواد المنشورة. في المقابل، تبقى المعالجات العميقة، مثل التحقيقات الاستقصائية والقصص الإنسانية، نادرة ولا تتجاوز 10% من إجمالي التغطيات.
ووفقًا للدراسة، يعتمد الإعلام المغربي بشكل كبير على المصادر الرسمية، حيث تشكل البلغات الرسمية والإحصاءات الحكومية 35% من المواد المنشورة. بينما يكاد صوت المهاجرين أن يختفي، إذ لا تتجاوز نسبة المواد التي تعطي الفرصة للمهاجرين للتعبير عن آرائهم 3%. هذا الغياب يعكس فجوة كبيرة في التغطية الإعلامية، حيث يتم التعامل مع المهاجرين كموضوع إخباري وليس كأفراد لهم قصص وتجارب تستحق التسليط عليها.
وكشفت الدراسة أن 72% من التغطيات الإعلامية تركز على الهجرة غير النظامية، خاصة فيما يتعلق بأخبار توقيف المهاجرين أو إنقاذهم في عرض البحر. في المقابل، تحظى الهجرة النظامية وقضايا اللجوء باهتمام ضعيف، حيث لا تتجاوز نسبة التغطيات الخاصة بها 3% و2% على التوالي. هذا التركيز يعكس توجهًا إعلاميًا يركز على الجوانب الأمنية والمشكلات، بينما يغفل الفرص الإيجابية التي يمكن أن توفرها الهجرة النظامية، مثل الإسهام في الاقتصاد والتنوع الثقافي.
من أبرز النتائج الصادمة التي توصلت إليها الدراسة التي أجراها محمد كريم بوخصاص، وساهمت فيها الصحفيتان سناء بكريم، وإيمان بلامين، تمثلت في انتشار الصور النمطية والخطابات التمييزية في بعض الوسائل الإعلامية. فعلى سبيل المثال، يتم الربط بين الهوية الجغرافية للمهاجرين والجريمة، كما في العناوين التي تذكر جنسية مرتكبي الجرائم عند ارتباطهم بالهجرة. بالإضافة إلى ذلك، تستخدم بعض الوسائل مصطلحات مثل "الحَراكة" التي تحمل دلالات سلبية وتقلل من كرامة المهاجرين.
أشارت الدراسة التي تدخل في إطار مشاريع "الشبكة المغربية لصحافيي الهجرات"، إلى أن تمثيل المرأة المهاجرة في الإعلام المغربي يكاد يكون منعدمًا، حيث لم تتناول سوى 3 مواد من أصل 184 مادة تم تحليلها قضايا المرأة المهاجرة. كما أن الفئات الضعيفة، مثل القاصرين غير المصحوبين بذويهم والأشخاص ذوي الإعاقة، لا تحظى بأي تغطية إعلامية تذكر. هذا الغياب يعكس قصورًا كبيرًا في معالجة القضايا الإنسانية والاجتماعية المرتبطة بالهجرة.
توضح الدراسة أن الإعلام المغربي يواجه تحديًا كبيرًا في معالجة قضايا الهجرة الأجنبية، حيث يغلب عليه الطابع السطحي والتركيز على الجوانب الأمنية على حساب القضايا الإنسانية والاجتماعية.
لتحسين هذه التغطية، يمكن اتخاذ عدة خطوات، خلصت الدراسة لتعزيز التغطية العميقة، وذلك من خلال تشجيع التحقيقات الاستقصائية والقصص الإنسانية التي تسلط الضوء على تجارب المهاجرين، بالإضافة لتنويع المصادر من خلال "إشراك المهاجرين أنفسهم والخبراء والمجتمع المدني في صياغة المحتوى الإعلامي".