كشف تقرير صادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول وضعية الفلاحة العائلية الصغيرة والمتوسطة في المغرب عن مجموعة من الإشكالات التي تعيق تطورها واستدامتها. وأبرز التقرير أن تعدد الوسطاء في سلاسل التسويق يشجع على المضاربات، مما يقلص من هامش أرباح الفلاحين، ويصعّب عليهم الولوج إلى الأسواق بشكل مباشر.
وأشار التقرير إلى أن العدد الكبير من الوسطاء، وغياب الرقابة الكافية على نشاطهم، يساهم في تعقيد سلسلة التسويق ويضر بمصالح الفلاحين الصغار والمتوسطين. كما يؤدي ذلك إلى انخفاض جودة المنتجات نتيجة طول مسار التوزيع، ويُفضي في النهاية إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين.
كما نبه التقرير، في إطار إحالة ذاتية من المجلس، إلى صعوبة ولوج الفلاحين إلى وسائل الإنتاج الأساسية كالبذور المحسنة، الأسمدة، والتقنيات الحديثة، بسبب ارتفاع تكلفتها ونقص المعارف الضرورية لاستخدامها بشكل فعال.
ولاحظ التقرير تراجع الاعتماد على البذور المحلية أمام الأصناف التجارية المستوردة، مما يهدد التنوع البيولوجي ويقلل من قدرة الفلاحين على التكيف مع التغيرات المناخية. كما أن استمرار استعمال الأدوات التقليدية وتذبذب التساقطات المطرية يفاقمان هشاشة الإنتاج، لا سيما في المناطق البورية.
وأشار التقرير إلى الخصاص الكبير في عدد المستشارين الزراعيين، حيث يوجد مستشار واحد فقط لكل 5726 فلاحاً، بالإضافة إلى ضعف فعالية التأمين الزراعي، الذي لا يغطي كافة المحاصيل ويعتمد على معايير جماعية لا تراعي خصوصيات كل ضيعة، ما يجعل نظام التعويضات غير منصف للفلاحين الصغار.
وأبرز التقرير أن نحو 88% من أراضي الفلاحين الصغار غير محفظة، مما يحرمهم من الولوج إلى التمويل البنكي، ويجعل حوالي 40% منهم يعتمدون على مصادر تمويل غير رسمية. كما أن تفتت الملكية العقارية نتيجة التوارث يقلل من المساحات القابلة للاستغلال الزراعي.
وفي ما يخص الموارد المائية، حذر التقرير من تداعيات الإجهاد المائي الناتج عن تراجع التساقطات وسوء استغلال الفرشات الجوفية، مشيراً إلى أن المنافسة المتزايدة بين القطاعات الزراعية والصناعية والحضرية تفاقم من صعوبة حصول الفلاحين الصغار على المياه.
كما سلط التقرير الضوء على ضعف الحماية الاجتماعية للفلاحين، مشيراً إلى أن التأمين الصحي الإجباري لا يشمل المساعدين العائليين الذين يُقدر عددهم بمليوني شخص، فيما يؤدي ضعف الدخل وغياب فرص التحفيز إلى هجرة الشباب من القرى، مما يهدد مستقبل القطاع.
وأخيرًا، أشار التقرير إلى قلة الأبحاث الموجهة نحو الفلاحة العائلية، وغياب التنسيق بين مؤسسات البحث والفلاحين، بالإضافة إلى ضعف استخدام التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي في تطوير الإنتاج، وغياب التنظيم التعاوني الفعال داخل الوسط الفلاحي.