في سياق التوسع المتزايد للاستثمارات الصينية بالمغرب، سلّط تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الضوء على سيناريو محتمل لتصاعد التوترات التجارية بين واشنطن وبكين، مشيراً إلى أن إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب قد تعود إلى نهج الضغط على شركاء اقتصاديين مثل المغرب، عبر التهديد بفرض رسوم جمركية أعلى، بهدف دفعه إلى اتخاذ مواقف داعمة للولايات المتحدة في مواجهتها مع الصين.
التقرير أوضح أن المغرب بات وجهة مفضلة للشركات الصينية، خاصة في مجالات الطاقة والسيارات الكهربائية وصناعة البطاريات، حيث تشير تقديرات إلى أن قيمة الاستثمارات الصينية في هذا القطاع الحيوي تجاوزت 10 مليارات دولار. كما أن العشرات من الشركات الصينية، من بينها "غوشن هاي-تيك" المتخصصة في تصنيع البطاريات، قامت بتأسيس مقرات ومصانع لها داخل المملكة.
وأرجع التقرير هذا التوجه إلى موقع المغرب الاستراتيجي وشبكة اتفاقيات التجارة الحرة التي تربطه بأسواق كبرى مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ما يجعل منه منصة مثالية لتفادي الرسوم الجمركية العالية التي تفرضها واشنطن وبروكسيل على البضائع القادمة مباشرة من الصين.
ويحذر مراقبون من أن هذا الوضع قد يضع المغرب في موقع حساس، لاسيما مع تصاعد التوترات التجارية بين القوى الكبرى، حيث لا تتقاطع دائماً المصالح الاقتصادية مع الحسابات الجيوسياسية. وفي هذا السياق، يُتوقع أن تلجأ إدارة ترامب – إن عادت إلى السلطة – إلى أساليب ضغط تشمل فرض رسوم على واردات من المغرب تحتوي على مكونات صينية، في محاولة لثنيه عن تعزيز تعاونه مع بكين.
ويشبّه أحد الخبراء المغرب بالمكسيك في علاقتها السابقة مع واشنطن، حيث شكلت الأخيرة نقطة عبور لتجنب الرسوم الجمركية الأمريكية. وأضاف أن "المغرب أصبح يمثل للصين ما مثلته المكسيك سابقاً لعدد من المصنعين العالميين الباحثين عن طرق للالتفاف على الحواجز التجارية الأمريكية".
وقد برز هذا المسار بوضوح من خلال مشاريع استثمارية ضخمة، مثل المشروع الصناعي في الجرف الأصفر، حيث بدأت شركة صينية، في يناير الماضي، بإنتاج مكونات بطاريات ضمن شراكة بقيمة 2 مليار دولار.
رغم ذلك، يؤكد المراقبون أن المغرب لطالما اعتمد ما يُعرف بـ"استراتيجية التحوط"، إذ يسعى إلى الحفاظ على توازنه بين الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، والانفتاح الاقتصادي على الصين. ويرى الخبراء أن إدارة بايدن أظهرت تسامحاً نسبياً إزاء الاستثمارات الصينية في المغرب، إلا أن الوضع قد يتغير في حال عودة إدارة أمريكية أكثر تشدداً، خاصة إذا ضاق هامش المناورة الدبلوماسية.