تقرير رسمي: تحسن في جودة مياه الاستحمام بالشواطئ المغربية لكن التحديات مستمرة

كشف التقرير السنوي لوزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة أن مياه الاستحمام في الشواطئ المغربية سجلت أعلى نسبة مطابقة للمعايير الصحية منذ انطلاق البرنامج الوطني لمراقبة جودة المياه الساحلية قبل أزيد من عشرين سنة، حيث بلغت نسبة المطابقة 90.74% خلال صيف 2023.

ورغم ما تحمله هذه النسبة من دلالة إيجابية على تحسن جودة المياه الساحلية، إلا أن التقرير نبه إلى استمرار اختلالات بيئية ومجالية قد تُقوض هذا المكتسب، مشيراً إلى أن من أصل 196 شاطئاً خضع للمراقبة، تم تصنيف 174 منها كصالحة للاستحمام، في حين استُبعدت 22 شاطئاً بسبب تدهور جودة مياهها.

ويعكس هذا التطور اتجاهاً تصاعدياً في نسب المطابقة المسجلة، حيث انتقلت من 87.1% سنة 2014 إلى 88.14% سنة 2021، وصولاً إلى 90.74% في الموسم الأخير، وهو ما اعتبره التقرير نتيجة مباشرة لجهود مكثفة في مجالات الرصد والتطهير ومعالجة المياه.

وشملت عملية المراقبة 497 محطة موزعة على طول الشريطين الأطلسي والمتوسطي، حيث تم تنفيذها بشراكة مع المختبر الوطني للدراسات ورصد التلوث، والمختبر العمومي للتجارب والدراسات. وتم خلال هذه العملية جمع وتحليل ما يقارب 5000 عينة مياه، أفضت نتائجها إلى اعتبار 382 محطة من أصل 421 مطابقة للمعايير، فيما ظلت 39 محطة غير مطابقة.

وأشار التقرير إلى أن أبرز الأسباب المؤثرة على جودة المياه تظل مرتبطة بتصريف المياه العادمة في البحر، والاكتظاظ السياحي خلال موسم الصيف، وضعف البنية التحتية، إضافة إلى التأثيرات المتنامية للتغيرات المناخية.

وبحسب التصنيفات المعتمدة، أظهرت النتائج أن 40.14% من المحطات تنتمي إلى فئة “مياه ممتازة”، و31.59% إلى فئة “جيدة”، و19% إلى فئة “مقبولة”، في حين تم تصنيف 9.26% من المياه ضمن فئة “رديئة”، وهو ما يعكس تحسناً نسبياً في المنظومة، دون أن يخفي مناطق الخلل التي ما زالت تتطلب تدخلات هيكلية عاجلة.

ومن بين أبرز التحديات التي رصدها التقرير، برز التفاوت المجالي كعنصر مقلق، حيث لا تزال بعض الشواطئ تعاني من هشاشة بيئية واضحة، وغياب التوازن في التجهيزات والخدمات الأساسية، ما يثير تساؤلات حول العدالة البيئية في توزيع الاستثمارات والبنيات التحتية الساحلية.

ورغم تسجيل نوع من التوازن الجغرافي في التصنيفات، إلا أن التقرير عبر عن قلقه من استمرار تفاوتات بنيوية، لاسيما في ما يتعلق بنقص محطات المعالجة أو غيابها التام في بعض المناطق، إلى جانب الضغط المتزايد الذي يفوق الطاقة الاستيعابية لبعض الشواطئ خلال فترات الذروة.

ودعا التقرير إلى اعتماد رؤية شمولية ومستدامة في تدبير جودة مياه الشواطئ، ترتكز على المراقبة المنتظمة، وتوسيع شبكة التحاليل، وتعزيز قدرات فرق الرصد، مع التأكيد على أن الحفاظ على جودة مياه الاستحمام يجب ألا يكون رهيناً فقط بفترة الاصطياف، بل جزءاً من مجهود مؤسساتي ومجتمعي دائم.

وفي ظل التزامات المغرب بأهداف التنمية المستدامة، خاصة الهدف السادس المتعلق بالمياه والصرف الصحي، والهدف الرابع عشر المتعلق بحماية النظم الإيكولوجية البحرية، يُطرح التساؤل حول مدى كفاية المؤشرات الرقمية وحدها لبناء ثقة بيئية راسخة، أم أن الأمر يستدعي إرادة سياسية وتعبئة جماعية تتجاوز المقاربة الموسمية نحو حكامة بيئية متكاملة ومستدامة لسواحل المملكة.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *