“فساد” ينخر دواوين بعض الوزارات

تفوح روائح فساد من نوافذ مكاتب بعض الوزارات التي حوَّلها ملحقون وأعضاء في دواوين إلى مرتع لـ«التسمسير»، للبيع والشراء، وقضاء الحاجة، وفك شفرات ملفات وصفقات وتوظيفات وتنقيلات، وغيرها من الخدمات المؤدى عنها.

وأبرزت يومية «الصباح»، في عددها الصادر ليوم الثلاثاء 29 يوليوز 2025، أن أسماء مستشارين في دواوين وزراء ووزيرات تتردد على طرف لسان أطر وموظفي وزارات غارقة في الريع، معتبرة أن هذا الأمر يرسم صورة سيئة عنها، ويستوجب من أعضاء الحكومة الانتباه إلى ما يجري حولهم وخلفهم وفي الكواليس، مشيرة إلى أن الثقة العمياء في أعضاء ومستشاري الدواوين، لن تجدي نفعا.

وأوضحت اليومية، في مقالها، أن العديد من الوزراء يعين مقربين ومقربات منهم في الدواوين، رغم أنهم يدركون مسبقا، أنهم لا يفقهون شيئا في المهام التي ستناط بهم، وبذلك يحول الكثير من الوزراء الدواوين إلى ملحقات حزبية، مبينة أن بعض المسؤولين الحكوميين يعتقدون أن الديوان مؤسسة سياسية تشتغل إلى جانب الوزير وتحت إشرافه، وتسهر على اقتراح أفضل الصيغ السياسية لبلورة القرارات الإدارية التي يتخذها الوزير، ومتابعة شروط تفعيل القرار الذي تتكلف المصالح الإدارية بتنفيذه، وهو ما يفتقد إليه جل الذين يتم استقطابهم إلى الدواوين، حيث يسقطون في ممارسات تضرب الحكامة في العمق.

ويستند الديوان، حسب مقال الجريدة، في ضبط اختصاصاته، ورسم حدود مجالات تدخله، وممارسة نشاطه على الظهير الشريف رقم 1.74.331 الصادر بتاريخ 23 أبريل 1975، كما تم تعديله وتتميمه بتاريخ 10 أكتوبر 1995، المتعلق بوضعية أعضاء الحكومة وتأليف دواوينهم، معززا بالمرسوم رقم 2.80.645 المحدِث لوظيفة عليا المكلفين بالدراسات بالقطاعات الوزارية.

وأضاف الصحيفة أن مؤسسة الديوان ارتبطت بكل المناصب القيادية، الشيء الذي وسمها دائما بالواجهة وبنوع من الهيبة، التي تكاد تختلط بالسلطة، معتبرة أن الديوان معيار لقياس مدى نجاح التدبير القطاعي والإداري والسياسي للقطاع عموما، ولمؤسسة الوزير خاصة، ومشيرا إلى التجربة أثبتت أن نجاح الوزير في مهمته بشكل كامل يظل رهينا بتركيبة ديوانه، ومدى فعالية أدائه، والتقدير الحقيقي لوظائف الديوان من لدن أعضائه، ومعرفتهم بأدوار الديوان، وبالطابع الاستثنائي والحساس لموقعه في خريطة العمل القطاعي والحكومي.

وبينت اليومية أن هذه المجالات تجعل من العمل بالديوان مهمة صعبة وبوصلة لتحديد مدى نجاح السلطة في مهمتها الدستورية، حيث يستمد العمل بالديوان صعوبته من طبيعة الشروط المطلوبة في أعضائه والعاملين به، حيث يتطلب الأمر شرط المروءة والكفاءة والقدرة على التقيد، مهما كانت الظروف، بواجب التحفظ وكتمان السر المهني، وتفضيل المصلحة العامة على إنجاح السياسة القطاعية للحزب المسؤول عن الحقيبة، على حساب وازع المصلحة الذاتية، دون حرمان الذات من الطموح المشروع والمستحق.

ويتطلب الديوان كذلك التضحية في الوقت والجهد والمداومة الدائمة على العمل، وهو الذي يفتقده العديد من يأكلونها «باردة»، إذ لا مجال في الديوان لثقافة العطلة، ولا للحدود بين الليل والنهار، ويستوجب من عضو الديوان أن يكون رهن إشارة الوزير في كل وقت وحين، مسلحا بالخبرة والبديهة الكفيلة بإيجاد إجابات مدروسة وناجعة لاستفسارات الوزير، وكذا الكفاءة القادرة على تسوية والمساعدة في تقديم أجوبة، وإبداع المبادرات ومسودات مشاريع قرارات تعرض أمام الوزير للحسم فيها، إلى جانب توفير كل الشروط المطلوبة لقرار مناسب إزاء كل ملف أو واقعة، وهو ما يفرض على عضو الديوان أن يكون قوة اقتراحية، وطاقة ذات نشاط متواصل ومتصاعد، ودائم الانفتاح على محيطه الإداري والسياسي والتشريعي والإعلامي، والإنصات لنبض المجتمع، ساهرا على توفير شروط افضل للتفاعل والتواصل بين الإدارة والمواطن.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *