تقرير دولي: المغرب خارج خارطة الريادة في الذكاء الاصطناعي.. ودعوة لتدارك التأخر الاستراتيجي

في سياق يكشف عن تصاعد نفوذ الذكاء الاصطناعي في صياغة السياسات العامة والتأثير على سوق العمل والبحث العلمي، صدر التقرير السنوي الثامن لـ"مؤشر الذكاء الاصطناعي 2025"، والذي يُعد من أشمل الإصدارات الصادرة عن مشروع "دراسة الذكاء الاصطناعي لمئة عام" التابع لجامعة ستانفورد، بمشاركة واسعة من الخبراء والباحثين، ويمتد على أكثر من 400 صفحة.

التقرير، الذي يستند إلى تحليل مئات الملايين من البيانات الدولية المجمعة من مصادر رسمية وخاصة، يُسلّط الضوء على التفاوتات الكبيرة بين الدول في استيعاب الذكاء الاصطناعي وتوظيفه، سواء على مستوى المهارات البشرية أو على مستوى التشريعات وسوق الشغل. ويؤكد مجددا التزامه بتقديم معلومات دقيقة وموثوقة لصناع القرار والمهتمين، لتعزيز فهمهم للواقع المتغير بسرعة في هذا المجال.

في هذا السياق، يلاحظ التقرير أن المغرب لا يزال خارج التصنيفات المتقدمة عالميا في مؤشرات الذكاء الاصطناعي، سواء من حيث تركيز المهارات أو حجم عروض العمل المرتبطة بهذه التكنولوجيا. في المقابل، أحرزت دول مثل سنغافورة (3.2%)، لوكسمبورغ (2%)، وهونغ كونغ (1.9%) نسبا مرتفعة من الإعلانات المهنية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي خلال سنة 2024، وفق معطيات شركة "لايت كاست" المختصة في تحليل سوق العمل والتي غطت أكثر من 51 ألف موقع إلكتروني حول العالم.

أما الولايات المتحدة، فقد ارتفعت فيها نسبة الوظائف ذات الصلة بالذكاء الاصطناعي من 1.4% في عام 2023 إلى 1.8% في 2024، مما يعكس تسارع الانتقال نحو اقتصاد المعرفة والابتكار.

من جهة أخرى، يشير التقرير إلى أن غياب المغرب عن هذه المؤشرات لا يعكس فقط تأخرا في التوظيف الفعلي للتقنيات الحديثة، بل يبرز أيضا ضعف جمع ونشر المعطيات المتعلقة بسوق الشغل المتصل بالذكاء الاصطناعي. مع ذلك، يلفت التقرير إلى أن هذا التحدي يمكن أن يتحول إلى فرصة استراتيجية لوضع خارطة طريق وطنية تمكّن من إدماج الذكاء الاصطناعي ضمن السياسات العمومية والاقتصادية.

وعلى مستوى تركيز الكفاءات، رصد التقرير أعلى نسب امتلاك المهارات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي في إسرائيل (2.0%)، سنغافورة (1.6%)، ولوكسمبورغ (1.4%)، استنادا إلى تحليل معطيات "لينكدإن". وسُجّل أكبر نمو في تركيز المواهب في كل من الهند (252%)، كوستاريكا (240%)، والبرتغال (237%) منذ عام 2016.

أما على المستوى التشريعي، فقد قام التقرير بجمع وتحليل القوانين المتعلقة بالذكاء الاصطناعي في 116 دولة ومنطقة خلال الفترة ما بين 2016 و2024، مع استبعاد النصوص التي تم إلغاؤها. ولم يرد المغرب ضمن الدول التي سنت قوانين شاملة أو مخصصة لهذه التكنولوجيا، خلافا لدول كفرنسا وكندا والإمارات والهند وكوريا الجنوبية والبرازيل، التي وضعت أطرًا قانونية واضحة لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي.

ويخلص تقرير "مؤشر الذكاء الاصطناعي 2025" إلى أن غياب البنية التشريعية والتكوينية حول الذكاء الاصطناعي يُمثل مخاطرة استراتيجية بالنسبة للدول غير المواكبة، داعيا إلى تسريع الاستعداد الوطني لتحديات الذكاء الاصطناعي عبر تطوير بنى تحتية رقمية، وأطر قانونية، ومنظومات بحث علمي متقدمة، بما يضمن الحفاظ على السيادة الرقمية والتنافسية الاقتصادية في عالم يعاد تشكيله على أسس تكنولوجية متسارعة.