المجلس الأعلى للحسابات يسلط الضوء على اختلالات مراقبة وتقنين التعليم العالي الخاص في المغرب
وفي تقريره السنوي لسنة 2023-2024، انتقد المجلس الأعلى للحسابات "ضعف التغطية" التي تميز الرقابة الإدارية والبيداغوجية على قطاع التعليم العالي الخاص، مشيرًا إلى "عدم تناول جوانب تؤثر بشكل مباشر على سير القطاع وجودة التكوينات، مما يعيق الوزارة من متابعة القطاع بشكل فعال واكتشاف النقائص التي يعاني منها".
وأوضح التقرير أن "عدد مؤسسات التعليم العالي الخاصة التي خضعت للرقابة الإدارية من قبل الوزارة بين 2010/2011 و2021/2022 لم يتجاوز 5 مؤسسات سنويًا، مما يعني أن معدل التغطية السنوي للمراقبة لا يتعدى 3% من المؤسسات النشطة".
وأشار المجلس إلى أن هذا النقص يعود إلى "عدم انتظام الرقابة وشموليتها"، حيث لا يتم توزيعها جغرافيًا بشكل عادل، مما يعنى أن بعض المدن مثل مراكش وبرشيد وسطات لم تخضع فيها أي من المؤسسات للرقابة الإدارية بين 2010 و2020.
ورغم أن المؤسسات الجامعية الخاصة ملزمة بتقديم تقرير سنوي مفصل عن أنشطتها، إلا أن الوزارة لا تتابع امتثال هذه المؤسسات لهذا التزام السنوي، حيث تقتصر على التقرير السنوي الأخير في السنة الخامسة من مدة الترخيص، وهو التقرير الذي يتم تقديمه عند طلب تجديد الاعتراف بالمؤسسة.
فيما يخص المراقبة البيداغوجية، أكد المجلس أن "هذه الرقابة تقتصر على فحص جوانب تؤثر على جودة التعليم فقط، دون التأكد من مدى مطابقة التكوين المقدم للمعايير الوصفية المحددة عند منح الترخيص أو الاعتماد، وتقييم المحتوى التربوي غالبًا ما يكون مقتصرًا على ملاحظات عامة".
وتابع المجلس أن عمليات الرقابة لم تشمل سير الامتحانات، كما أظهرت التقارير غياب محاضر المداولات والتوقيع عليها، مع عدم الامتثال للقوانين الداخلية التي تفرض تنظيمًا دقيقًا لكيفيات إجراء الامتحانات.
وأشار التقرير إلى أن المذكرات الصادرة عن الوزارة لا تشمل الرقابة على تنظيم الامتحانات كجزء من المراقبة الإدارية أو البيداغوجية.
كما نبّه المجلس من أن بعض الإعلانات الإشهارية لبعض المؤسسات الخاصة تتضمن معلومات مغلوطة قد تؤدي إلى انطباع غير صحيح لدى الطلبة وأولياء أمورهم، خاصة عندما يتم الترويج للمؤسسات على أنها معترف بها أو معتمدة من قبل الدولة، رغم أن الأمر يقتصر على اعتماد بعض البرامج الدراسية فقط.
في هذا السياق، أكد المجلس على ضرورة معالجة هذه المخالفات لضمان دقة وموثوقية الإعلانات التي تصدرها مؤسسات التعليم العالي الخاص.
كما انتقد المجلس استمرار وزارة التعليم العالي في إصدار التراخيص لمؤسسات جديدة تعمل في مبان سكنية، على الرغم من التوصيات السابقة بضرورة انتقال هذه المؤسسات إلى مبان مستقلة وملائمة لنشاط التعليم العالي.
وفي الختام، أشار المجلس إلى أن عملية تقنين ومراقبة التعليم العالي الخاص تواجه العديد من التحديات مقارنة مع الممارسات الدولية الجيدة، مؤكدًا على ضرورة مراجعة الإطار القانوني والمؤسساتي للنظام الحالي وتحسين التنسيق بين الجهات المختلفة المعنية بتقييم ومراقبة هذا القطاع.