التحقيق في نهب ملايير أسواق الجملة.. اختلالات وتلاعبات سماسرة ومضاربين و"حرب مربعات" بين الوكلاء

قالت مصادر مطلعة إن أجهزة رقابية تابعة لوزارة الداخلية تجري تحقيقات وصفتها ب”السرية والمعمقة” حول مداخيل أسواق الجملة، بعد توصلها بتقارير مفصلة عن عدد من الاختلالات تقدر بالملايير.

وأوضحت المصادر نفسها أن غياب نظام معلومات موثوق بأسواق الجملة يؤدي إلى حدوث نقص في المعلومات حول الأسعار داخل هذه الفضاءات، ويتسبب في عدم المساواة في ما يتعلق بالمفاوضات مع التجار، كما يستغل “سماسرة” افتقار سلسلة التوريد آلية فعالة لتبادل المعلومات بين مختلف الفاعلين، مثل المنتجين وتجار الجملة وتجار التقسيط والمستهلكين، ما يدر عليهم أرباحا خيالية على حساب مداخيل الأسواق.
وذكرت المصادر ذاتها أن ما يضيع على سوق الجملة للخضر والفواكه بالبيضاء يقدر سنويا ب10 ملايير، يستفيد منها سماسرة ومضاربون، مشيرة، في الوقت نفسه، إلى أن هناك حربا بين “وكلاء المربعات” في أغلب أسواق الجملة، وأن عدة شكايات وجهت إلى القضاء بخصوص التلاعب في بعض الوثائق.
وتبحث الأجهزة الرقابية في استغلال سماسرة غياب إطار قانوني محدد ينظم أسواق الجملة للفواكه والخضر، خاصة ما يتعلق بتفويض الوكالات، فالقانون ينظم عمل هذه الوكالات من خلال تراخيص تمنحها الدولة مجانا لوكلاء تعينهم وزارة الداخلية، نصفهم من الأشخاص الذين ساهموا في حركة المقاومة الوطنية، وغالبا ما يعتبر نظام وكلاء أسواق الجملة للفواكه والخضر نظاما قديما ومحدودا من الناحية العملية.
وأكدت المصادر نفسها أن وزارة الداخلية تسعى إلى تجاوز بعض الاختلالات، التي وردت في تقارير رسمية، ومنها وجود إدارة ضعيفة للأسواق، التي تفتقر إلى هيأة وطنية توجيهية تشرف على تنظيمها وتطويرها، بالإضافة إلى أن الأسواق تعاني نقصا في الموارد المالية والبشرية، ما يؤثر على قدرتها على الوفاء بالتزاماتها في مجال الجودة والصحة والسلامة، وغموض دور الوكلاء داخل أسواق الجملة، إذ لا تُحدد القوانين الحالية مهام الوكلاء في الأسواق بوضوح، مما يُؤدي إلى عدم الكفاءة ووجود ثغرات في الرقابة، وفقا لما أوردته "الصباح".
ويذكر أن تقريرا لمجلس المنافسة رصد أن حملات الرقابة على الأسعار غالبا ما تكون غير منتظمة وغير مستدامة، مما يُتيح المجال للمخالفات دون رادع، كما أن الجهات المسؤولة عن الرقابة تفتقر إلى آليات فعالة عن تخزين بعض المنتجات بغرض المضاربة، ما يشكل انتهاكا للقوانين، وبالإضافة إلى ذلك، تساهم بعض طرق التخزين التقليدية بشكل كبير في زيادة الخسائر، والتي تعتبر مهمة بالفعل في المغرب، مشيرا إلى أن القوانين المنظمة لهذه الأسواق غير مكتملة وغير واضحة.