الجواهري: اتحاد المغرب العربي من أقل المناطق اندماجا اقتصاديا في العالم

قال عبد اللطيف الجواهري ، والي بنك المغرب، إن “البلدان الإفريقية على وعي تام بمنافع الاندماج الاقتصادي؛ فقد أطلقت العديد من المبادرات في هذا الصدد، والتي ساهمت على وجه الخصوص في إنشاء تجمعات اقتصادية إقليمية، تكلل بعضها بالنجاح، في حين لم يطرح بعضها الآخر ثماره بعد، مثل اتحاد المغرب العربي، الذي يشتهر، للأسف، باعتباره من أقل المناطق اندماجا في العالم”.

 

وأضاف الجواهري، في كلمته الافتتاحية لإطلاق الأيام الدولية للاقتصاد الكلي والمالية 2024، أن انعقاد الحدث في الداخلة يعكس النهضة التي تعرفها الأقاليم الجنوبية باعتبارها تمثل العمق الإفريقي للمملكة وحلقة الوصل مع بقية القارة، موضحا أن المدينة المغربية تمثل أفضل مكان لمناقشة موضوع “التكامل الاقتصادي في إفريقيا.. الطريق نحو مستقبل أكثر ازدهارا”، منبها إلى أن الاندماج الاقتصادي يظل ضعيفا في القارة السمراء.

 

في هذا الصدد، شدد والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري ،  على أن حصة التجارة البينية الإقليمية ضمن إجمالي المبادلات الدولية للبلدان الإفريقية لا تزال محدودة، حيث إنها لا تتجاوز 12 في المائة عوض 60 في المائة في المتوسط في أوروبا وآسيا، مشيرا إلى أن القارة الإفريقية تظل معتمدة بشكل كبير على الأسواق الخارجية؛ ما يزيد من هشاشتها أمام الصدمات، وفق ما أظهرته جائحة كوفيد-19 وحدث الحرب في أوكرانيا.

 

وعدّد المسؤول ذاته، خلال الحدث المنظم شراكة بين مجلس جهةٍ الداخلة- واد الذهب وبنك المغرب ومركز “برنولي” للاقتصاد في جامعة “بال” بسويسرا، الإمكانيات التنموية لدول القارة الإفريقية، موضحا أن السكان يمثلون ثروتها الأولى، خصوصا السكان الشباب الذين تتسارع وتيرة نموهم بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، مؤكدا أنه وفقا لتوقعات الأمم المتحدة ستشكل هذه الدول ربع سكان العالم بحلول 2050؛ فيما تزخر بالعديد من الموارد الطبيعية الثمينة في العالم، وبأراض خصبة شاسعة، وكذا بتنوع بيولوجي أساسي لمستقبل الكرة الأرضية.

 

واعتبر عبد اللطيف الجواهري ، في معرض كلمته، منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (ZLECAf)، التي أطلقت من قبل البلدان الإفريقية، بارقة أمل بالنظر إلى منافعها المحتملة، موضحا أنه رغم كونها تقريبية فإن مختلف التقييمات المنجزة بخصوص تأثيراتها تشير إلى مكاسب مهمة، حيث أظهرت عمليات المحاكاة التي أجراها صندوق النقد الدولي أن إنشاء هذه المنطقة سيمكن في حال مصاحبته بإصلاحات لتسهيل المبادلات من رفع متوسط المبادلات التجارية لإفريقيا مع بقية العالم بنسبة 15 في المائة، ومع البلدان الإفريقية بنسبة 53 في المائة؛ ما سيساهم في زيادة الناتج الداخلي الإجمالي الوسيط للفرد الواحد بأكثر من 10 في المائة، فيما يرجح وفقا للتقديرات نفسها أن يتيح إخراج أكثر من 30 مليون شخص من الفقر.

 

وتابع المتحدث ذاته أن الإدماج الاقتصادي مقاربة معتمدة منذ سنوات من قبل المغرب، بالنظر إلى مزايا التبادل الحر وقواعد السوق؛ ذلك أن المملكة اختارت منذ الثمانينيات الانفتاح والليبرالية الاقتصادية المدروسة، حيث لا يكون السعي وراء النجاعة والتنافسية على حساب الاعتبارات الاجتماعية والتضامنية، مؤكدا أن القرب الجغرافي والتاريخي من أوروبا لم يصرفها عن تطوير شراكات في جميع أنحاء العالم؛ إلا أن ذلك لم يكن على حساب انتمائها الإفريقي، مستدلا بمقولة الملك الحسن الثاني إن “المغرب شجرة جذورها في إفريقيا وأغصانها تعانق أوروبا”.

وبهذا الخصوص، ذكر الجواهري بدعوة الملك محمد السادس إلى تنمية مشتركة مع دول إفريقيا على أساس رابح-رابح، حيث أطلق مشاريع كبرى؛ مثل خط أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا، الذي من شأنه أن يساهم في تنويع الإمدادات الطاقية للعديد من الدول، والمساهمة في ضمان الأمن الغذائي بالقارة، وكذا المبادرة الأطلسية الرامية إلى تسهيل الاندماج التجاري للعديد من البلدان غير الساحلية.